الخميس، 2 يناير 2003

من أجل تعليم على في مستوى طموحات الشعب المغربي


من أجل تعليم على في مستوى طموحات الشعب المغربي

ضرورة التفكير الجماعي في هذا الواقع والمساهمة
في اقتراح بدائل موضوعية


نظم مكتب الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالدار البيضاء يوم السبت المنصرم، يوما دراسيا تحت شعار "من أجل تعليم عال في مستوى طموحات الشعب المغربي". هذا الموضوع تناوله بالدرس والتحليل عدد من الأساتذة اعتمادا على أرضية طرحت السمات الأساسية للوضع الدولي والوطني، مع ذكر انعكاسات هذه الوضعية على التعليم العالي. خلال هذا اللقاء تم طرح مجموعة من الأسئلة حاول المتدخلون من خلال إجاباتهم عليها ملامسة واقع الجامعة الحالي وآفاق التطور، وذلك من خلال العمل ضمن ثلاث ورشات، الأولى كانت حول النظام البيداغوجي والبحث العلمي، والثانية ناقشت الهياكل الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر، أما الثالثة فقد تطرقت إلى النظام الأساسي والملف المطلبي.
بعد التطرق للسمات العامة للوضع الدولي، والذي يتسم أساس بما أسماه المنظمون بالهجوم الكاسح للعولمة الليبرالية المتوحشة على المكتسبات الاجتماعية للشعوب وحقها في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، واتساع دائرة الفقر والحرمان والأمية والفوارق الطبقية...، أكدت الورقة التقديمة لليوم الدراسي المنعقد في المدرسية العليا للتكنولوجيا، على أن السمات الأساسية للوضع على الصعيد الوطني تتميز بانخراط الدولة في نظام العولمة الليبرالية، وذلك من خلال تطبيقها لمجموعة برامج منها برامج التقويم الهيكلي والانصياع التام للمؤسسات المالية الدولية، الأمر الذي أفقد الدولة سيادتها على مجموعة من المجالات الحيوية من خلال خوصصتها لقطاعات عمومية إستراتيجية، وسنها لمجموعة من القوانين التي تراها النقابة الوطنية للتعليم العالي تراجعية في مجال الحريات العامة والصحة والشغل والتعليم، هذا إضافة إلى ما أسمته الورقة التقديمية بشيوع اقتصاد هش مبني على الريع، وسوء التدبير وانتشار الفساد بكل تجلياته، إضافة إلى استمرار الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية.
أما انعكاسات هذه الوضعية على التعليم العالي فتتمثل أساسا في تردي أوضاع التعليم العالي على مستوى البنيات والتجهيزات وتدهور الأوضاع الاجتماعية للعاملين به، وذلك نتيجة تقليص الاستثمار في مجال التعليم العالي، مما أدى إلى بروز ظروف دراسية مزرية بالنسبة للطلبة مع ضعف المردودية الداخلية والخارجية حيث تبقى نسبة الهدر والانقطاع وبطالة الخريجين إحدى تجليات التردي والتدهور.
هذا، وقد أوضح المنظمون بأن الأهداف المتوخاة من اليوم الدراسي أمام هذه الوضعية، هو التفكير جماعيا في هذا الواقع والمسامة في اقتراح بدائل موضوعية تكون قابلة للإنجاز مثل تحديد دور التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في التنمية ورصد السياسات المتعاقبة في هذا القطاع، إضافة إلى تشخيص واقع التعليم العالي سواء على مستوى البنيات أو المضامين والنتائج.
ومن بين الأهداف المتوخاة أيضا، الكشف عن خلفيات الإصلاح المطروح وتحديد كيفية التعامل معه، واقتراح بعض البدائل العملية فيما يتعلق بالقضايا البيداغوجية والبحث العلمي والهياكل في التعليم بصفة عامة، وكذلك في النظام الأساسي. هذا إلى جانب المساهمة في تطوير الملف المطلبي للأساتذة الباحثين.
أمام تقديم السمات الأساسية للوضع وانعكاساته على التعليم العالي، مع ذكر بعض أهداف اليوم الدراسي، تبقى الإجابة عن بعض الأسئلة المطروحة ضرورية بالنظر إلى المستوى المتدني الذي وصل إليه التعليم العالي في المغرب، وبالنظر أيضا إلى النتائج المحصل عليها والتي باتت تؤرق كل المهتمين بمجال التعليم والتكوين الذي أصبح ينتج متخرجين وأصحاب شواهد عليا، بل ودكاترة يبحثون عن شغل.
فيما يمكن الحديث عن إصلاح دون إعادة النظر في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمغرب ؟ وهل يمكن أن يكون إصلاح التعليم مدخلا لتغيير إيجابي داخل المجتمع ؟ وكيف سيتم ذلك ؟ ومن يتحمل مسؤولية بطالة الخريجين ؟ وما هي مخاطر تخلي الدولة عن الاستثمار في قطاع التعليم العالي ؟ وما هي حدود القطاع الخاص في هذا المجال ؟ هل الأوضاع الاجتماعية لأوسع فئات الشعب المغربي تسمح بالتراجع عن مجانية التعليم العالي ؟ وما هي المصادر الممكنة لتمويل هذا التعليم ؟ وما المقصود بانفتاح الجامعة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي ؟ وهل يمكن تناول قضايا التعليم العالي بمنطق المقاولة التجارية في جميع مقوماتها ؟ وأيضا كيف يمكن تقييم ميثاق التربية والتكوين والقانون الخاص بالإصلاح الجامعي (قانون 01.00) ؟ وهل يشكل النظام البيداغوجي المقترح مدخلا لتكوين أفضل ؟ وكيف يمكن ربط إصلاح التعليم العالي بباقي أسلاك التعليم الأخرى ؟ ولما لم يتم توحيد كل مؤسسات التعليم العالي في إطار جامعة موحدة ؟
يجب التساؤل أيضا عن سياسة الدولة في مجال البحث العلمي، بل وهل تتوفر الدولة أصلا على سياسة واضحة للتعليم العالي ؟ وما هو أفق اهتمامها بالبحث العلمي ؟
هذا دون إغفال الحديث عن دور الطلبة في هذا الإصلاح ولماذا تتم مواصلة تهميشهم ؟ وكيف يمكن رد الاعتبار للمشاركة الطلابية في تسيير شؤون التعليم العالي بعيدا عن سياسة الهاجس الأمني ؟
مجموعة أسئلة وأخرى وجب على كل الفاعلين في حقل التعليم العالي الإجابة عنها، وذلك في أفق رسم إستراتيجية واضحة على المدى القريب والمتوسط، للنهوض أولا بالمستوى التعليمي ببلادنا، ومن أجل الحد من النزيف المتمثل في عدد الخريجين الذين لا يجدون فرصا لولوج لعالم الشغل، وكذا النزيف المتمثل في هجرة الأطر التي باتت تهدد كل القطاعات الحيوية.

حسن اليوسفي
02 يناير 2003

ليست هناك تعليقات: