الخميس، 27 يونيو 2002

هل تعاود "العدول والإحسان" النزول إلى الشواطئ ؟

أجهزة الجماعة لم تقرر بعد في أمر النزول إلى الشواطئ
بخصوص تنظيم مخيمات صيفية بالشكل الذي كانت عليه من قبل، أكد فتح الله أرسلان أن الدولة استعملت جميع الوسائل لمنع الجماعة من هذا الحق، وأضاف بأن الجهات الرسمية تفرض على الشعب المغربي المسلم نمطا معينا من الاصطياف، ولا تفسح له المجال من أجل الاختيار.. وقال الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان بأن تلك المخيمات كانت متنفسا للعديد من أبناء الشعب سواء من داخل المغرب أو من خارجه. وأضاف بأن من سياسة الدولة هي التمييع وإبعاد الناس عن دينهم وعن مقومات حضارتهم الإسلامية، ويضيف أرسلان كذلك بأن الدولة عملت جاهدة باستعمالها لشتى الوسائل من أجل محاربة هذه المخيمات. كما أشار في حديثه لـ "مغرب اليوم الجديد إلى الإمكانات العالية التي وضعتها الدولة في السنة الفارطة من أجل مواجهة ظاهرة المخيمات الإسلامية، وقد استشهد في ذلك بتكوين فرق خاصة من شرطة الخيالة وشرطة الدراجات النارية من أجل مراقبة الشواطئ ومنع الإسلاميين من النزول إليها.
وعن سؤالنا حول برنامج الجماعة لهذه السنة، أكد أرسلان بأنه انطلاقا من موقف الجماعة النافذ للعنف، وبحكم أنها تسعى لتجنب أي اصطدام وعدم إعطاء الفرصة للآخر من أجل الدخول في مواجهات مجانية الغرض منها ترهيب الشعب المغربي، فقد قررت الجماعة في السنة الفارطة عدم النزول إلى الشواطئ، وأضاف بأن هذا الموقف لم يتم لا نفيه ولا تأكيده لحد الآن بالنسبة للسنة الحالية، مؤكدا أن أجهزة الجماعة لم تقرر بعد في هذا الموضوع، لكنه استطرد قائلا : "إن العدل والإحسان غير مستعدة لإعطاء الفرصة لمن يريد الاصطياد في الماء العكر خصوصا وأن الأوضاع الآن متدهورة على جميع المستويات ويريدون التغطية على عجزهم بأي طريقة من الطرق".

هل تعاود "العدول والإحسان" النزول إلى الشواطئ ؟
خلال صيف عام 1998 كان مخيم أبو النعائم قد ضم حوالي 30 ألف مصطاف، وكانت التجربة فريدة من نوعها في العالمين العربي والإسلامي... وفي العالم الموالي انتقلت التجربة من شاطئ أبو النعائم إلى شاطئ لغويركات بالجديدة، ثم إلى مجموعة من الشواطئ الأخرى، حيث عاش المغرب على إيقاع تنظيم 6 مخيمات شاطئية إسلامية تشرف عليها جماعة العدل والإحسان... إلا أن السلطات رأت في ذلك خطرا إسلاميا وقررت في صيف عام 2000 منع قيام هذه المخيمات، الأمر الذي دفع بـ "العدل والإحسان إلى اتخاذ قرار النزول إلى الشواطئ العادية مع باقي فئات الشعب، فكان صيف قمع واعتقالات ومحاكمات شكل حدثا وطنيا ودوليا بامتياز.

شاطئ أبو النعائم المحاصر
منطقة تبعد بحوالي 60 كلم من البيضاء في تجاه مدينة أزمور على الطريق الساحلي، هي اليوم منطقة تحت رقابة أعين السلطة التي لازالت تترصد أي إنزال الأعضاء جماعة العدل والإحسان لاسترجاع حق مغصب.
بالأمس القريب كانت المنطقة عبارة عن مصطاف بدليل يمنح لكل مواطن ملتزم الراحة النفسية والروحية، وكان الزائر للمخيم يجد نفسه أمام مجتمع إسلامي ينشد تحقيق كل معاني الإيمان والإحسان حيث كانت الشعائر الدينية جنبا إلى جنب مع مختلف الأنشطة التي تروم الترويج عن النفس ومنح الجسد ما يستحقه من الراحة والاستحمام.
حين تجولك على طول الشاطئ كانت تواجهك لافتات عليها آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريف تذكرك بخالقك وتحيي فيك روح البذل والعطاء، وعلى طول الشاطئ كانت مكبرات الصوت تسمعك نغمات إسلامية تتخلل برامج ثقافية وتربوية هادفة.
لقد كانت مسحاة مخيم شاطئ أبي النعائم تناهز الأربعة كيلومترات، كانت كلها مكسوة بعدد هائل من الخيام التي كانت تضم في تقسيماتها مخيمات خاصة بالأسر وأخرى مخصصة للعزاب، بينما منطقة ثالثة كانت مخصصة للطلبة.
للتربية في المخيم دور أساسي كما للترفيه، فكان التكامل بين التربية والترفيه يتوج بمسابقات تثقيفية هادفة وبإلقاء محاضرات تتحدث في جميع مناحي الحياة، الأمر الذي كان يعطي للمصطاف حينها نكهة خاصة للاصطياف.
هذا ما سبق أن أكده لنا أحد المسؤولين باللجنة التنظيمية للمخيم، الأمر الذي حدا بالمنظمين إلى التفكير في تنظيم مخيمات أخرى على شاكلة شاطئ أبي النعائم بناحية أزمور ولغويركات بضواحي الجديدة، فكانت الحصيلة 6 مخيمات في العالم الموالي، تلك التي رأت فيها السلطة حينها أمرا خارجا عن المألوف، وجاءت التعليمات بمنع المخيمات الإسلامية.

للتذكير فقط.. "حرب الشواطئ"
يعد منع السلطات جماعة العدل والإحسان من إقامة مخيماتها الشاطئية، بدأت هذه الأخيرة تنظمي خرجات يومية وأسبوعية إلى الشواطئ العادية المتواجدة بكل المدن المغربية كان أهمها مدينة الدار البيضاء بشاطئها عين الذئاب وعين السبع، مدينة الجديدة، والمهدية بالقنيطرة ثم مدينة أكادير.
بينما أصحت منطقة أبو النعائم مطوقة بقوات الحرس المتنقل وقوات الدرك التي كانت تراقب كل ذي لحية وكل ذات حجاب ومنعهما من وصول منطقة طريق أزمور ... وهكذا تم الإعلان الرسمي عن حزب الشواطئ.
فمع بداية شهر يوليوز من العام 2000، وهو الشهر الذي كانت تنطق فيه المخيمات الإسلامية، وبعد المنع المباشر للسلطات المغربية لهذه المخيمات، جاءت تذكرة المصطاف الموجهة إلى أعضاء الجماعة حيث أكدت على ضرورة أن تلتزم بالغرض الذي من أجله أتت إلى الشاطئ الترفيه عن النفس والرغبة في الاستجمام، أن تحرص على راحة المصطفين وأن تحترم اقتناعاتهم، أن تتجنب المنفر من الهيئة واللباس والمستفز من الكلام، وأن تلتزم اللين والرفق المعهودين في أعضاء الجماعة، أن تدعو بالحال قبل المقال وبحسن الخلق وتراعي الذوق واللباقة، أن تتجنب الشعارات والمسرات داخل الشواطئ أن تتغيى الرد على ما قد يصدر من عناصر السلطة، أن تحرص على نظافة الشواطئ وأن تعين على ذلك، أن تجعل من اصطيافك مناسبة للتواصل والتعارف، أن تسارع إلى تقديم يد المساعدة إلى كل من يحتاج إلى ذلك رجالا ونساء وأطفالا، وألا تشغلك دنياك عن أخرتك وأن تتذكر دائما قوله تعالى : إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
وبدأت العدل والإحسان في تنظيم خرجات لأعضائها بالشواطئ العادية المتواجدة بوسط المدن، إلا أن السلطات لم تتقبل الأمر حيث بدأت التعزيزات الأمنية والتدخلات والاعتقالات والمحاكمات في بعض المدن، بينما بقيت سلطات البيضاء تراقب شاطئ عين الذياب وشاطئ النحلة بعين السبع نظرا لموقعهما الاستراتيجي بالنسبة للمدينة... فكانت الأجواء عادية جدا بكلا الشاطئين، وكانت المراقبة حاضرة على جميع الأصعدة، سواء بواسطة سيارات الإسعاف التي كانت تجوب الشاطئ، أو بواسطة رجال الأمن بالزي العادي.
مقابل ذلك، عرفت منطقة المهدية أحداثا مؤسفة جعلت الإعلام حينها يتحدث عن حزب الشواطئ، حيث بدأت عمليات القمع والاعتقالات، بل والمحاكمة بسبب النزول إلى الشاطئ، فكان من الطرائف أن باشا مدينة القنيطرة آنئذ قام باستدعاء أعضاء جماعة العدل والإحسان بالمدينة وأبلغهم بالمدينة وأبلغهم أمر الوالي القاضي بعدم السماح لهم رجالا ونساء وأطفالا بالنزول إلى المنزهات والمصطفات العمومية، مع تحمل كامل المسؤولية فيما قد ينجم عن نزولهم إلى الشواطئ.

السلطات تمنع الصلاة بالشواطئ
من مميزات المخيمات الإسلامية التي كانت تقيمها الحركة الإسلامية المغربية هي إقامتها الصلاة في أوقاتها... وبعد المنع الذي طال تلك المخيمات، حافظت العدل والإحسان على نهجها وكانت الصلاة حاضرة حتى في الشواطئ العمومية التي كانت تنزل بها، الأمر الذي استفز السلطات وكان حدثا بالنسبة لجميع وسائل الإعلام في تلك الفترة.
لقد نزلت التعزيزات الأمنية وبدأت المضايقات والمتابعات من أجل الصلاة في الشواطئ لقد كانت هناك تعليمات بعدم السماح بالصلاة في الشاطئ لأنها فتنة !! ولعل تصريح السيد الميداوي، وزير الداخلية وفتها كان واضحا سما عندما قال : "... والذي أراد أن يعبد الله فليذهب إلى منزله وإلى المسجد أو يختلي بنفسه لعبادة الله (...)، ونزلت قوات التدخل السريع في مدينة الجديدة وفي تطوان مدججة بالعصي أمام كل المصطافين من أجل تنفيذ التعليمات ... !.
العدل والإحسان تقرر تفويت الفرصة على أنصار الخيار الأمني في صيف العام الماضي، وبما أن الجميع كان يتوقع ابتكارا جديدا من جماعة العدل والإحسان بخصوص الاصطياف بعد منع المخيمات وبعد حزب الشواطئ خرج مجلس إرشاد الجماعة في 30 يونيو 2001 ببيان يؤكد فيه قرار الجماعة "تفويت الفرصة على أنصار الخيار الأمني" وبالتالي اتخاذ قرار عدم النزول إلى الشواطئ العمومية "إذا كانت الجماعة، في السنة الماضية، قد أربكت حسابات المتخبطين بمشاركتها المواطنين في الشواطئ العمومية، فها هي ذي هذه السنة تقرر إفشال ما يدير ويخطط.."
وذلك بعد التأكيد على أن "الجماعة الحق الطبيعي والمشروع في الحركة والتنظيم والتأطير، واستنكارها لكل أساليب الحصار والقمع الممارسة عليها.
العدد: 11 / 27-06-2002