الخميس، 18 ديسمبر 2003

حريـة الصحافة بين براثين المقدس


استأثرت الأحداث التخريبية التي عاشها المغرب هذه السنة، وما استتبعها من متابعات ومحاكمات، بحصة الأسد في الصحافة الوطنية. وكانت المناسبة سانحة لمن كانوا يتحينون الفرص للانقضاض على بصيص الحرية المزيفة في قالب حرية الرأي والتعبير التي كان يعتقد أنها واقع، لتنقشع بعد ذلك الغيوم، وليستفيق الجميع على الحقيقة المرة.. حقيقة سيادة سلطة المقدَس على سلطة القانون، لكن بالقانون نحتفل إذاً هذه السنة باليوم الوطني للإعلام في ظروف استثنائية، ولنقل بصراحة، إن المشهد الإعلامي يعيش "حالة استثناء" الله وحده يعلم متى ومن سيرفعها. ولعل المرتبة 131 التي احتلها المغرب عالميا في تقرير "مراسلون بلا حدود" الخاص بأوضاع حريات الصحافة في العالم، دليل إضافي لما عشنا ونعيشه في مجال انتهاك الحق في الرأي والتعبير.. وما الجائزة الوطنية للصحافة التي تقرر منحها سوى غربال أريد له أن يغطي الشمس، شمس الحقيقة الساطعة.. حقيقة القمع والتسلط، لكن بالقانون ! من يتحدث إذاً عن احترام حرية الصحافة في المغرب؟ ومن يثق في أن "التغيير" المتغنى به رسميا، تغيير حقيقي؟ وهل فعلا كنا نعيش مرحلة مكتسبات في مجال الحريات؟إن الواقع الحقوقي عموما، و في شقه الخاص بحرية الرأي والتعبير خصوصا، واقع يتسم بسيادة "المقدَس".. والمشهد الإعلامي خاصة العمومي منه، تابع للتوجيه المخزني الذي له اليد الطولى في اتخاذ جميع القرارات، لتبقى مسألة الاستقلالية والحرية مجرد شعارات انكشفت من حولها الغيوم أمام الجميع.لقد اتسعت دائرة المقدسات، وصارت حرية التعبير مقيدة بأحكام القانون، الأمر الذي صار معه الصحافي محكوما بممارسة الرقابة الذاتية، أو الاستنكاف عن الخوض في المسائل السياسية والاقتصار على الرسميات! -واقع ليس بالجديد إلا بالنسبة لمن كان يعتقد فعلا بحصول "التغيـيــر"- .بالأمس القريب وفي عهد حكومة التناوب، صودرت أعداد من بعض الجرائد، ومنعت أخرى بدعوى الخوض في المقدسات، وحوكم مدراء وصحافيون.. وتم قمع صوت "رسالة الفتوة" و"العدل والإحسان" بدون أي حكم أو قرار إداري حتى، بل بالتعلــيمات ! ، وأعطيت الأوامر لشركات التوزيع ثم للمطابع بعدم "توزيع وترويج" صحافة العدل والإحسان، وامتثل الجميع للتعليمات دون أن تكون لأحد الجرأة والمطالبة بحكم قضائي صادر يقضي بإيقاف الجريدتين.. بل تعدت الدوائر الرسمية ذلك، ومارست السطو العلني على جريدة "رسالة الفتوة" من بعض المطابع وشركات التوزيع الخاصة بالبضائع.. واستمر مسلسل القمع وانتهاك الحق في التعبير بالمتابعات والمحاكمات الواهية.اليوم، والجسم الإعلامي المغربي يحتفل باليوم الوطني للإعلام، تعززت سلطة "المقدَس" بمجموعة قوانين جعلت حرية الصحافة في خبر كان.. القانون الجديد للصحافة الذي يعتبر قانونا جنائيا للصحافة بامتياز، ثم قانون الإرهاب الذي عاد بنا إلى ظهير كل ما من شأنه المشؤوم، لتبقى حرية الرأي والتعبير والصحافة تحت وطأة القوانين السالبة للحرية.اليوم، ونحن نحتفل بهذه المناسبة التي من المفترض أن يكون فيها رجل وامرأة الإعلام يتمتعان بكل الحقوق، وليس بأحكام سالبة للحريات، "نحتفل" والسجون تضم بين قضبانها خمسة صحافيين أدوا ثمن حرية الرأي والتعبير، وذلك بأحكام أدانهم فيها "القضاء المستقل" بتهم المس بالمقدسات وبالإشادة بالإرهاب!نحتفل ومواجهة الصحافة والصحافيين المغضوب عليهم قد سخرت لها كل الوسائل، وأضحت المواجهة قانونية بتزكية برلمانية وكأن الجميع يسبح مع التيار.. ولربما ستكون قائمة الصحافيين المعتقلين طويلة إذا صارت "الحريـة" مطلب كل الإعلاميين!لقد أصبحت ترتكب باسم القانون تجاوزات خطيرة في حق الصحافة وحرية الرأي، وباتت "السلطة الرابعة" إن كانت موجودة أصلا، سلطة تتحكم فيها جميع السلط الأخرى، تارة بـ"القانون" وتارة أخرى بالتعليمات. وأفرغت هذه السلطة المفترضة من كل مضامينها ووظائفها التي تجعل منها سلطة رابعة مراقبة، بل وصارت أداة في يد الأجهزة الرسمية تفرض بواسطتها الرقابة وتعمل على تزكية تصرفاتها الخرقاء بواسطة عملاء الإعلام.فكيف يمكننا الحديث عن سلطة الإعلام في مثل هذه الظروف؟ إنه إعلام السلطة بامتياز، والواقع يؤكد أن مخزنة الإعلام كما هو الشأن لباقي المجالات الأخرى، واقع لا يجادل فيه إلا جاحد، والاستثناء يبقى فلتة يحاول المسؤولون الاحتكام إليها عندما يتحدثون عن توفر أجواء الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير.. والأكيد، أن من يعمل جاهدا على تكميم الأفواه والتعتيم على الحقيقة، هو في الأصل ينمي بذرة الحقد ضده و يكون على الرغم من توفره على كل الأجهزة القمعية والترسانة القانونية السالبة للحرية، مجردا من كل مصداقية ولا يكتسب أية شرعية. يبقى المطلب الأساس إذاً ونحن نحتفل باليوم الوطني للإعلام، اعتماد الحرية لأنها هي المبدأ، " لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء واستيقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها دون أي حدود، بالقول والكتابة أو الطباعة أو الفن، أو أي وسيلة أخرى يراها..." -المادة 19 من إعلان حقوق الإنسان-ولأن الحرية حق طبيعي ثابت للإنسان، ولأن الحريات ليست منحة من أحد لأحد، وإنما هي حق من حقوق الإنسان الثابتة التي منحها الحق سبحانه وتعالى للإنسان الذي كرمه على باقي المخلوقات، " ولقد كرمنا بني آدم" قبل أن تمنحها إياه القوانين البشرية، يبقى توفير القضاء النزيه المختص في قضايا الصحافة والنشر هو الضامن الوحيد لهذه الحرية.

تاريخ النشر : 18/12/2003

الأربعاء، 10 ديسمبر 2003

خروقات وانتهاكات وتجاوزات حصيلة المغرب في مجال الحقوق

في الذكرى 55 لليوم العالمي لحقوق الإنسان


يحتفل العالم اليوم، العاشر من شهر دجنبر 2003، بالذكرى الخامسة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. وبهذه المناسبة، عاش العالم هذه السنة العديد من الأحداث التي يمكن تصنيفها ضمن الانتهاكات الصارخة في مجال الحقوق والحريات التي خولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للإنسان. ولم يكن المغرب مستثنى من تلك الخروقات التي عاشها المواطن، والتي رصدتها المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، وتأكدت مؤخرا في التقرير الصادر عن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بجنيف.

كلما حلت ذكرى سنوية من الذكريات ذات الصلة بموضوع حقوق الإنسان، تتحرك الآلة الحقوقية العالمية من أجل تمجيد الذكرى، والإشادة بالنصوص، والعهود، والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.. وينسى الجميع، وسيما إخواننا العرب والمسلمون العاملون في مجال الحقوق والحريات، أن الإسلام قد أرسى القواعد الأولى لحقوق الفرد والجماعات.. وبحكم ابتعادنا عن تعاليم ديننا الحنيف، صارت الحقوق مهدرة، والحريات مسلوبة، وأساسيات الحياة الكريمة للإنسان منتهكة. وعلى الرغم من توفر قوانين أممية صادقت عليها معظم الدول والحكومات، فإن الخرق بات السمة الأساسية، وعدم الاكتراث بحق الإنسان في ضمان أبسط حقوقه، وصمة عار على جبين كل الأنظمة القائمة بقوة الأمر الواقع.

لعل الكثيرين يعتقدون أن الحديث عن "حقوق الإنسان" في عالمنا الذي ينعث بعالم التقدم والتطور في مجال حقوق الإنسان، هو دليل وتأكيد على مدى التقدم الحضاري للإنسانية جمعاء. لكن الواقع يؤكد أن تلك الحقوق الممنوحة فقط على الورق، ما هي في الواقع سوى كلام عابر سبيل يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان.. تلك التي باتت في أكثر الأحيان تنتهك باسم حقوق الإنسان ! وصارت القضية تستغل سياسيا واجتماعيا وحقوقيا لتبرير الخروقات والانتهاكات والتجاوزات، بل ولتبرير احتلال دولة لأخرى تحت يافطة التحرير ومنح الحقوق.. وبذلك صار الظلم يصدر عن الدول، والدفاع عن الحقوق بات بالدرجة الأولى يهدف إلى حماية الفرد من الانتهاكات التي يتعرض لها من طرف الحاكم الذي يتمتع بجميع السلط، وأولاها سلطة القمع... !

حصيلة المغرب.. خروقات وانتهاكات وتجاوزات

طالما تم الحديث عن دولة الحق والقانون، والعهد الجديد، وإطلاق الحريات والتعويض عما كان يسمى بــ"سنوات الجمر"، والمصالحة والإدماج... إلى غير ذلك من المصطلحات التي تتناغم و "حقوق الإنسان" كما هو متعارف عليها دوليا. إلا أن الواقع، وبعيدا عن البروتوكولات الرسمية، يؤكد أن مجال الحقوق منتهك يوما بعد يوم، وبأن حالات الخرق وعدم اعتبار الإنسان إنسانا سجلت في العديد من المحطات، وبأن الحريات كانت تنتهك في السر والعلن.. وجاءت أحداث 16 مايو المرعبة التي هزت مدينة الدارالبيضاء في العام المنصرم، لتعطي الضوء الأخضر كي تصير كل تلك الانتهاكات علنية تحت ذريعة "الحفاظ على الأمن العام ومكافحة الإرهاب"..

إن الحديث عن حقوق الإنسان في المغرب حديث ذو شجون، وتقارير الهيآت الحقوقية المغربية والدولية تحفل بالعديد من الانتهاكات عكس التصريحات الرسمية؛ وما موقف المغرب أمام لجنة مناهضة التعذيب المجتمعة في جنيف والذي وصف بالمحرج، إلا دليلا واضحا على تمادي المسؤولين المغاربة في اقترافهم جرائم حقوقية.. بل وإصرارهم على نفي وجودها! فقد أكد تقرير أمنستي المرفوع إلى لجنة مناهضة التعذيب أن المغرب تراجع كثيرا في مجال الحقوق، وخلصت المنظمة الدولية أن مستوى احترام حقوق الإنسان بالنظر إلى السنوات العشر الأخيرة، قد عرف العديد من الخروقات سيما ما تعلق منها بالانتهاكات الخاصة بالتعذيب والاعتقال بسبب إبداء الرأي، وكذا استفحال ظاهرة الاختطاف، وانتقاد عدم سن التشريع المغربي تجريم التعذيب وتضمينه ضمن بنود القانون الجنائي.. إضافة إلى إشكالية الإفلات من العقاب أو ما يسمى بالحصانة التي يتمتع بها المسؤولون عن ممارسة التعذيب.

لقد حاولت الدولة في السنوات الأخيرة تحسين صورتها أمام المحافل الحقوقية الدولية، وذلك بإنشاء لجنة للتحكيم، و بإقرار تعويض عن الضرر الذي لحق بالعديد ممن قضوا وعانوا من سنوات خلت.. وقررت الدولة" طي صفحة الماضي" باعتماد مقاربة حقوقية تصحيحية لما مضى، وأدرجت العديد من الملفات في إطار جبر الضرر.. لكن دون الكشف عن الحقيقة ومساءلة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، سيما وأن بعضهم حي يرزق، منهم من يحتل مناصب حساسة ومنهم من يتولى مسؤوليات في أعلى هرم السلطة..فهل يمكن تجاوز ما يسمى بـ "ماضي الانتهاكات" والحديث عن الحاضر، هذا الحاضر الذي يعتبره المسؤولون صفحة جديدة لا تشوبها شوائب الانتهاكات ؟

إن المتتبع لتجاوزات الحاضر حري به أن يتساءل عن الانتهاكات الجديدة المرتكبة تحت يافطة الحفاظ على الأمن والاستقرار، وبذريعة ما يصطلح عليه دوليا بــ"مكافحة الإرهاب". فقد أبانت أحداث 16 ماي وما تلاها من اعتقالات واختطافات ومحاكمات، أن القانون لم يأخذ مساره الطبيعي بكل استقلالية، وإنما كان متأثرا بإملاءات الظروف الدولية، بل وإملاءات سياسية داخلية، دون إغفال تحكم قانون الإرهاب الدولي الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على كل الأنظمة العربية.. وصارت بالتالي الحقوق منتهكة "بحكم القانون"، وفرضت المحاكمات دون توفر أدنى شروط المحاكمة العادلة، وسلطت رقابة صارمة على الصحافة وحرية الرأي، وتمت محاكمة صحفيين وإدخالهم السجن بسبب إبداء الرأي بعد محاكمتهم بتهم المس بالمقدسات، والإخلال بالاحترام الواجب للملك، والمس بالنظام الملكي، والتحريض على المس بالأمن الداخلي للبلاد... ناهيك عن الممارسات اللائنسانية التي يتعامل بها مع المعتقلين داخل السجون.

إن خرق القانون ولو في الحالات الاستثنائية، أمر مرفوض بقوة القانون مادامت الدولة تؤكد احترامها لحقوق الإنسان، وما دامت أنها صادقت على مجموعة من القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بهذا الصدد.أمام كل هذه الخروقات، لم يجد وزير حقوق الإنسان سوى نفي ما أكدته لجنة مناهضة التعذيب في تقريرها الأخير، ووصف محمد أوجار في جلسة أمام مجلس المستشارين زوال يوم الثلاثاء المنصرم تلك الانتقادات بأنها " مجرد ضجيج إعلامي "، وبأن " الاستغلال السياسي لهذه التقارير هو الذي يخلق نوعا من التشويش ونوعا من البلبلة". ووصف محمد أوجار ما تناقلته وسائل الإعلام بخصوص التقارير المضادة حول التعذيب والتي سبق أن تقدمت بها إحدى المنظمات الحقوقية، بأنها " تضخيم مبالغ فيه". ! علما أن الجميع يعلم علم اليقين أن هناك تقريرا مضادا للتقرير الحكومي الذي تقدمت به الحكومة المغربية في جنيف، صاغته المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، تم التطرق فيه لممارسات غير حقوقية تمثلت في التعذيب والاختطاف والوفيات، والاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة.. هكذا إذن تعالج الأمور من طرف المسؤولين، وبمثل هذه التصريحات البعيدة كل البعد عن الواقع الحقوقي البئيس الذي نعيشه، تكون المقاربة الجديدة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان !! هنيئا إذن للمسؤولين بالعيد السنوي لحقوق الإنسان، وكل عام والحقوق بألف خير !

اليوسفي حسن

تاريخ النشر : 10/12/2003

الأحد، 6 أبريل 2003

على هامش القمم العربية الأمريكية: شرم الشيخ والعقبة يشكلان العقبة الكبرى

انعقدت كما هو معلوم في الأيام الأخيرة قمتان عربيتان أمريكيتان، وقد احتظنتهما على التوالي كل من مصر والأردن، وهللت لهما كما العادة، أبواق الدعاية الصهيونية على أنهما " قمتا الخلاص النهائي لأزمة العرب وإسرائيل ".. لكن الحقيقة التي لا يستطيع أن يجادلها إلا جاحد، هي أن القمتين معا، انضافتا إلى باقي القمم السابقة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، و كانتا بأوامر أمريكية، هذه الأوامر التي ترسم خريطة العرب الجديدة.

كانت خارطة الطريق هي بداية الطريق بعد إزاحة عراقيل العراق وسوريا ولبنان من الطريق. لقد طالب الرئيس الأمريكي بوش الفلسطينيين بوقف ما اسماه الإرهاب، وأشاد بتعهد الزعماء العرب. التعهد الذي يقضي بالتصدي لـ" الإرهاب" بغض النظر عن تبريراته، وبقطع المعونات عن التنظيمات الفلسطينية. كما طالب بوش إسرائيل في ذات الوقت، بأن تتعامل مع المستوطنات و تتأكد من وجود" أراض متصلة بإمكان الفلسطينيين أن يدعوها وطنا ".. هذا، بالإضافة إلى مطالبته الدول العربية باتخاذ المزيد من الخطوات التطبيعية مع إسرائيل، الخطوات التي اعتبرها بوش "مبادرة حسن نية" من أجل تشجيع الإسرائيليين على تطبيق خارطة الطريق. لقد قدمت الولايات المتحدة رسميا هذه الخطة التي أطلقت عليها خطة التسوية السياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى الأطراف المعنية. وأكدت واشنطن أن الخطة مطروحة للتطبيق وليس للتفاوض، الأمر الذي يعني مباشرة موافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على الخطة، ثم البدء فيما بعد في عملية التطبيق إلى قيام الدولة الفلسطينية نهاية عام 2005..

خارطة الطريق، هل هي الحل النهائي؟

تتكون الخطة من ثلاث مراحل: الأولى: تتجه في ظاهرها صوب إتمام الإصلاحات في السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك عن طريق وضع مسودة دستور، وتعيين رئيس للوزراء بصلاحيات كاملة، مقابل تجميد كافة الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة. في الوقت ذاته تقوم الحكومة الإسرائيلية باتخاذ مجموعة من الخطوات للتخفيف من وطأة الضغوط على الشعب الفلسطيني، وفيها تعود القوات الإسرائيلية إلى الأوضاع التي كانت عليها قبل اندلاع الانتفاضة في 28 سبتمبر2000. وحسب الخطة، فإن هذه المرحلة تنتهي في ماي 2003. الثانية: وتتعلق بمواصلة الإصلاح في هياكل السلطة الوطنية الفلسطينية، وإعادة استئناف المفاوضات الإقليمية متعددة الأطراف، ووضع دستور الدولة الفلسطينية. كما تتضمن هذه المرحلة أيضا، عقد مؤتمر دولي تشارك فيه اللجنة الرباعية التي وضعت الخطة بهدف دعم الاقتصاد الفلسطيني وإطلاق عملية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. وتنتهي هذه المرحلة بإعلان دولة فلسطينية بحدود مؤقتة. الثالثة: تستمر على مدار العامين 2004 و2005، ويعقد خلال هذه المرحلة مؤتمر دولي ثان بمشاركة اللجنة الرباعية، للمصادقة على كل الاتفاقات التي يتم التوصل إليها بشأن قضايا الدولة الفلسطينية. ويتم خلال هذه الفترة التوصل إلى اتفاق حول كل قضايا الوضع النهائي من قدس ومستوطنات وحدود ولاجئين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة بحدود نهائية على الأراضي التي احتلت في حرب يونيو 1967، وتم النص صراحة على أن الدولة ستعلن بالتراضي، حيث سيتم الاتفاق على كل القضايا الخلافية عبر التفاوض ( قضية اللاجئين و وضع القدس الشريف (. فهل ينتظر أي حل خلال هذه المراحل، خصوصا إذا استحضرنا نقض الطرف الإسرائيلي لكل الاتفاقات الموقعة مع الجانب الفلسطيني؟ وهل يمكن الاعتماد على خطة مكونة أساسا من بنود غير ملزمة تعتمد حلولا احتمالية التفاوض؟

القمة الأولى تمهيد للثانية

مصر، السعودية، الأردن، البحرين وفلسطين.. كانت هي التشكيلة العربية التي حضرت القمة العربية الأمريكية الأولى في منتجع شرم الشيخ، وذلك بعد عدول المغرب عن المشاركة لأسباب داخلية، وبعد استبعاد كل من لبنان وسوريا بسبب مواقف هذه الأخيرة من الحرب الأمريكية على العراق، ودعمها لما تسميه أمريكا إرهابا، في إشارة إلى الدعم السوري لحزب الله اللبناني وباقي حركات المقاومة الفلسطينية - حماس والجهاد -، والعلاقة مع إيران.. إضافة إلى مواقف لبنان ذات الارتباط الوثيق بالقضية الفلسطينية. فكان الحاضر الغائب الأول هو الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات المستبعد عمليا من كل اللقاءات، بحيث كان الاختيار الأمريكي لأبي مازن، الوزير الأول الذي ارتضته إسرائيل وأمريكا، اختيارا تحاول من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية إعادة العرب إلى طاولة المفاوضات، وإلى مسار التسوية والسلام على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية. إن الهدف الرئيس من القمة الأولى، قمة شرم الشيخ، هي التحضير النفسي والعملي للقمة الثانية التي تعول عليها أمريكا وإسرائيل أكثر، ومحاولة الدفع العملي بمسألة محاربة الإرهاب بالمنظور الأمريكي، الأمر الذي يعتبر أهم مطالب الولايات المتحدة الأمريكية التي نالت الترحيب، وبدون شروط من طرف الزعماء العرب الحاضرين والغائبين، سيما مع تزايد العمليات التخريبية داخل البلاد العربية. كما أن الملاحظ من الأهداف الأمريكية، ضمان الدعم السياسي والمالي على وجه الخصوص، لنجاح مخطط الولايات المتحدة الأمريكية الجديد والذي بات معروفا بخارطة الطريق. الأمر الذي يفسر حضور السعودية والبحرين، والموافقة الضمنية لقطر من خلال زيارة بوش التي تعتبر أول زيارة لرئيس أمريكي لهذه الإمارة الخليجية. لقد اختتمت أشغال القمة بالالتزام العربي التام بمكافحة الإرهاب، وبالتعهد الأمريكي القاضي بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.. وبقي حديث بوش و مبارك مِؤرخا إذ أن الأول أكد أنه " يجب ألا نسمح لقلة من الناس، لقلة من القتلة، قلة من الإرهابيين بتدمير أحلام وآمال الكثيرين".. في حين شدد الثاني التأكيد على ضرورة أن " نستخدم جميع الوسائل المتاحة لمنع وصول أي دعم للجماعات غير الشرعية، ومواصلة التأييد لجهود السلطة الفلسطينية في محاربة العنف".

القمة الثانية .. العقبة

ظهر جليا إذن أن قمة العقبة جاءت تتويجا لقمة شرم الشيخ، وبدا أن خطة بوش الرامية في ظاهرها إلى تسوية القضية الفلسطينية، ما هي في حقيقة الأمر سوى ذريعة أمريكية جديدة لكسب مزيد من الدعم العربي والدولي لإدارة الحرب على الإرهاب بالمنظور الأمريكي. بهذه اللغة الأمريكية، فإن إصبع الاتهام يتجه صوب المقاومة المسلحة الفلسطينية المسماة "إرهابا" فلسطينيا، ولذلك، بات على الدول العربية أولا، محاصرة حركات المقاومة، وصار الدور الأساس للوزير الأول الفلسطيني أبو مازن هو القضاء على " الإرهاب الفلسطيني ".. والهدف الأول والأخير من قمة العقبة، وضع مخطط عربي أمريكي إسرائيلي لإنهاء هذا "الإرهاب" المسلط على شارون "المسالم"؟ لقد نجحت القمة في تثبيت واقع جديد على الساحة الفلسطينية، واقع ينبئ بمزيد من العمليات الفدائية خصوصا مع تأكيد الوزير الأول أبو مازن بالعمل على نزع سلاح المقاومة: " سنبذل كل الجهود وسنستخدم كل إمكانياتنا لتنتهي الانتفاضة المسلحة، وعلينا أن نستخدم الوسائل السلمية في سعينا لإنهاء الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين والإسرائيليين وبناء الدولة الفلسطينية (...) هدفنا واضح وسنطبقه بحزم وبلا هوادة، نهاية كاملة للعنف والإرهاب". الأمر الذي دفع بحركتي حماس والجهاد، إلى الإفصاح عن مواقفها المتمثلة في تمسكها بخيار المقاومة المسلحة. فقد سارعت فصائل المقاومة الفلسطينية إلى التمسك بالمقاومة وعبرت عن سخطها إزاء موقف أبي مازن الذي قالت إنه تجاهل حقوق ومعاناة شعبه، وتذكر معاناة اليهود، وقدم التزامات مجانية لحفظ امن الاحتلال وإنهاء الانتفاضة المسلحة. وعلى خلفية بيان الوزير الأول الفلسطيني، قال القيادي البارز في حركة حماس عبد العزيز الرنتيسي في تصريح لوكالة فرانس برس إن الحركة " ستقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومع البندقية ولن تسمح لأحد بأن يتنازل عن أي شبر من ارض الوطن فلسطين". واعتبر الرنتيسي أن محمود عباس" تنكر لمعاناة الشعب الفلسطيني وذكر أن الشعب الفلسطيني إرهابي ويقتل اليهود" مضيفا " أصبحت المعاناة أمام العالم هي معاناة اليهود ونحن لا وجود لمعاناة شعبنا وان المشكلة يهودية وقد جاء أبو مازن لحل مشكلتهم" في إشارة إلى الإسرائيليين. وأضاف الرنتيسي أيضا " يجب أن نتمسك بحق العودة التي لم يذكر منها أبو مازن أي شيء".من جهته قال محمد الهندي احد القادة البارزين في حركة الجهاد الإسلامي لفرانس برس إن محمود عباس " قدم مسائل مجانية وتعهد بإنهاء العمل المسلح في الانتفاضة، والمقاومة هي الورقة الوحيدة في يد المفاوض الفلسطيني". ورأى الهندي أن محمود عباس " دان الإرهاب ضد الإسرائيليين وكان من المفروض إدانة الاحتلال والإرهاب الصهيونيين". وشدد الهندي على أن " المقاومة الفلسطينية ستحافظ على المعادلة التي أرستها بأنها ستستمر طالما بقى احتلال".

المقاومة واستمرار الانتفاضة

لقد فشل شارون، وفشلت معه السياسة الأمريكية في احتواء المقاومة الفلسطينية التي انطلقت منذ عقود، وفشلت " الميركابا " الصهيونية في إركاع الطفل الفلسطيني الذي لا يملك سوى إيمانه القوي بقضيته، وحجارة يرجم بها الغاصب الصهيوني دفاعا عن أرضه.. لقد عجز شارون عن وقف العمليات الاستشهادية داخل وخارج السور الواقي، وهو الآن، شارون، يبحث عمن يخلصه من ورطة لا تزداد إلا تورطا مع الأيام.. لقد بدا جليا أنه ليس للشعب الفلسطيني ما يمكن أن يخسره مع استمرار الانتفاضة والمقاومة، وأظهرت الانتفاضة أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وبأن التآمر الأمريكي الصهيوني على القضية الفلسطينية بات واضحا للعيان. باستمرار الانتفاضة والمقاومة، يكون الشعب الفلسطيني قد قدم للعالم أجمع أسمى مظاهر التضحية والفداء.. وأمام تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية، يكون هؤلاء قد سجلوا في صفحات التاريخ أرقى مواقف الذل والهوان، ولعل كل ذلك بسبب التفرقة وعدم الاستمساك بحبل الله. يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لا تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي

تاريخ النشر : 06/04/2003

الاثنين، 17 مارس 2003

برلماني بريطاني يصف مهرجان فاس للموسيقى الروحية ب "مصدر إلهام"

وكالة المغرب العربي : 17 - 03 - 2003
أكد عضو بمجلس العموم البريطاني، السيد محمد ساروار ( الحزب العمالي) ان مهرجان فاس للموسيقى الروحية يشكل "مصدر إلهام" بالنسبة لتظاهرات مماثلة تروم النهوض بقيم التسامح والتفاهم بين الشعوب والديانات العالمية.
وقال السيد ساروار في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش لقاء عقد مساء أمس الثلاثاء بمقر البرلمان البريطاني خصص لمناقشة تنظيم الدورة الأولى لمهرجان فاس - لندن-لاهور للموسيقى الروحية إن مهرجان فاس يعد "مصدر إلهام".
وأعرب السيد ساروار عن أمله في أن تكلل هذه التظاهرة المستهلة من مهرجان فاس بالنجاح وتصبح فضاء مثاليا كفيلا للنهوض بقيم التسامح والتفاهم والتعدد الثقافي.
وأضاف البرلماني البريطاني أن "الأمر يتعلق بحدث جد طموح ونأمل أن نرقى لمستوى تنظيم تظاهرة من هذا القبيل في عواصم اخرى من العالم"، معتبرا أن مهرجان فاس "يشكل بالنسبة له أفضل منتدى للتقارب بين الجاليات من ديانات وثقافات مختلفة".
ومن جهة أخرى، شدد البرلماني العمالي على أهمية ان يكون المهرجان المغربي وسيلة ل"تجاوز سوء التفاهم بين الشعوب والأديان من خلال الموسيقى".
وأشاد بمنظمي مهرجان فاس الذين قرروا إضفاء بعد جديد على هذا الموعد عبر تنظيم ندوات ونقاشات بين سياسيين وجامعيين وفنانين وفاعلين بالمجتمع المدني عبر العالم حول مواضيع مختلفة تهم التعايش والحوار والسلام.
من جانبه، أشاد السيناتور البريطاني السيد سيمون بروثن بالمستوى الراقي لمهرجان فاس وجودة الموسيقى التي يقدمها.
وبدوره ، أبرز مخرج شريط "صوفي صول" الذي تم تصويره بالمغرب وباكستان بالاستراتيجية الثقافية المتطورة بالمغرب، والتي تضفي على المشهد السينمائي عددا من الألوان الفنية.

الجمعة، 14 مارس 2003

فعاليات الملتقى الطلابي الوطني الثامن

شهدت جامعة المولى إسماعيل بمكناس في الفترة الممتدة ما بين 24 فبراير و 1 مارس الجاري، فعاليات الملتقى الوطني الثامن تحت شعار، "كرامة، تعليم، حرية، حقوق تؤطر نضالنا". الملتقى الذي تنظمه الكتابة العامة للتنسيق الوطني بتنسيق مع باقي فروع الاتحاد الوطني لطلب المغرب في مختلف المواقع الجامعية. وقد عاشت أيام الملتقى على إيقاع العديد من اللقاءات والعروض التي همت بالأساس مشاكل التعليم العالي والبحث العلمي، والميثاق الوطني للتربية والتكوين، والواقع السياسي ومداخل الإصلاح، والعمل الشبيبي في المغرب، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب والرهانات المستقبلية، وتجدر الإشارة إلى أن الملتقى قد عرف نجاحا ملحوظا، وذلك بحكم العدد الكمي للحضور الطلابي، وبفعل الحضور النوعي للدكاترة والأساتذة المحاضرين

في حفل افتتاح الملتقى
في البداية تناول الكلمة الموقع المحتضن، موقع مكناس، حيث تلا الكلمة كلي عبد الرحيم الكاتب العام لمكتب الفرع جامع المولى إسماعيل الذي رحب فيها بكل الوفود المشاركة في الملتقى.
بعد ذلك تناول الكلمة حسن بناجح الكاتب العام للجنة التنسيق الوطني، الذي ناقش باقتضاب الوضع الخاص الذي يعيشه التعليم العالي، وذلك كذلك بأهمية التنظيم قصد توحيد نضال الطلاب المغاربة داخل المغرب وخارجه، كما ذرك بالتضحيات الجسام التي تم تقديمها من أجل إرساء هياكل أو ط م كما جدد الدعوة إلى مقاطعة كل الأشكال التي تروم تحجيم نضال الجماهير الطلابية والتعامل معهم بمنطق التحجير والدونية كما حصل مؤخرا مع ما سمي بانتخابات المجالس الجامعية حيث لم يتجاوز فيها عدد الأصوات الأربعين في أحسن الأحوال. كما ناقش حالة مجموعة من الفصائل وأطروحاتها. وبالمناسبة تحدث بناجح عن سياق تعليق المؤتمر والذي نادت به مجموعة من الفصائل ليتبين بعد ذلك أن هذه الأخيرة كانت تراهن على الدفع نحو خطوة المؤتمر قصد اتخاذها مبررا لتأسيس إطارات نقابية خاصة بها، والذي جعلها في حجر من أمرها.
وخلص الكاتب العام للجنة التنسيق الوطني في النهاية لعدم تمكن الفصائل من الدخول في الهياكل الأوطامية بسبب أزماتها الذاتية، كما جدد الدعوة لكل الفصائل والمكونات الطلابية لتأسيس جبهة لإنقاذ الجامعة.
كما تناول الكلمة ممثل عن شببية المؤتمر الوطني الاتحادي، هذا الأخير الذي افتتح كلمته بشكر الجهة المنظمة على الدعوة، وقد ركزت الكلمة على بيان أزمة الحركة الطلابية وأهمية الحل التنظيمي، كما كما أكدت على أن فصيل المؤتمر الوطني الاتحادي فصيل قائم بذاته.
أما كلمات باقي المواقع الجامعية، فقد نوهت بهذه المبادرات الطلابية الوفية لنضال الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وأكدت التفاهم حول لجنة التنسيق الوطني، كما باركت خطوة تعليق المؤتمر، وحديت كل المواقع الجامعية صمود الطلبة المعتقلين الذين ضحوا بزهرات أعمارهم وفاء لأوطم ومبادئها.

الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والرهانات المستقبلية
شدد الطالب أحمد الكتاني عضو لجنة التنسيق الوطني، على أهمية النظرة المقاصدية في تحليل الحركة الطلابية بالمغرب، وأضاف خلال حلقة مركزية في كلية الآداب في مكناس تحت عنوان : الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والرهانات المستقبلية، أن العمل النقابي توحده وحدة المطالب وقوة المطالب، وبالعودة إلى النظرة المقاصدية أكد الكتاني على ضرورة الوقوف في الحديث عن الحركة الطلابية في ارتباطها بالمحيط السياسي والاجتماعي العام على المقاصد الكبرى، والغايات الأسمى وعدم الانجرار وراء المطالب الصغرى التي لن يتوقف النضال من أجل تحقيقها وتلبيتها.
فالمطلوب هو تكوين طليعة طلابية قوية ومتحصنة من إغراءات ما بعد المرحلة الجامعية، وفي نفس السياق طالب الكتاني جموع الطلبة الحاضرين بعدم طرح قضية الحركة الطلابية ومناقشة الملفات المطلبية الجزئية لأنها تلهي عن تكوين شخصية طلابية وازنة مدركة تمام الإدراك لحقوقها وواجباتها اتجاه نفسها والمجتمع. ومن جهة أخرى ندد الكتاني بالميثاق الوطني للتربية والتكوين معتبرا إياه تحديا وطنيا من التحديات المطروحة على فصائل وتيارات الحركة الطلابية، والتي تقتضي منها توحيد الصفوف وتنسيق الجهود للوقوف في وجه كل ما يحاك ضد الإرادة الطلابية.
وحول الواقع الحالي للوضع الطلابي دعا الكتاني إلى وضع حد لحالة التشدرم في الصف الطلابي، مذكرا بمبادرة الكتابة العامة للجنة التنسيق الوطني فيما يخص تعليق المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. هذه المبادرة التي لم تلغ بل علقت حتى تنضج شروطها الذاتية والموضوعية، وكذلك لإعطاء فرصة أخرى للفصائل والمكونات الطلابية للتحاور فيما بينها والخروج بمواقف من شأنها الدفع بالحركة الطلابية إلى الإمام، إلا أنه يسجل على بعض هذه التيارات نحوها منحى التأسيس لإطارات وجمعيات طلابية في سياق ما أصحبت تنادي به من تعددية نقابية. وتساءل عن كيفية بناء حركة طلابية قوية في ظل الظروف الداخلية (المقاربة الأمنية للوضع الطلابي والجامعي عموما) والخارجية (التأثيرات والتفاعلات الدولية ما بعد 11 سبتمبر وتشديد الخناق على كل الحركات الاحتجاجية) كما أن هناك ظروفا ذاتية تتعلق بالجسم الطلابي العليل.

ندوة العمل الشببي بالمغرب : الواقع والآفاق
أجمع المتدخلون خلال ندوة العمل الشببي بالمغرب، الواقع والآفاق على عدم اعتبار الشباب خزانا انتخابيا بل قوة طليعية للتأثير والتغيير المنشود.
وقد حضر الندوة عن شبيبة العدالة والتنمية الدكتور عبد العالي حامي الدين، وعن شبيبة العدل والإحسان الأستاذ لحسن المباركي، فيما مثل الأستاذ رفيق بلقرشي الشبيبة الاستقلالية.
لابد من بيئة سليمة للعمل السياسي الشبيبي
أكد لحسن المباركي، عن شبيبة العدل والإحسان على ضرورة تكوين قوة احتجاجية شبيبة تتبنى وتطرح مشاكل الشعب الحقيقية، فالشباب جزء لا يتجزأ عن الشعب وقضاياه العادلة، وأضاف خلال هذه الندوة أن الشباب لا يشارك في العمل السياسي لأنه يرى أن نفس التجارب تتكرر وتثبت على مر الزمان فشلها. فهو لا يريد تزكية الوضع الحالي بمآسيه ومشاكله. وقال الأخ لمباركي، أن عزوف الشباب عن السياسة مرده إلى عدة أسباب منها المشاكل الكبرى التي تحيط به من كل جانب : البطالة، الفقر، المخدرات، الهجرة السرية... كما أن ظروف العمل السياسي داخل الأحزاب غير مواتية رغم رفع بعضها لشعارات التشبيب، فالتهميش والقمع اللامبالاة سمات جامعة في بعض أحزابنا المغربية، وكذلك تفتقر الفضاءات الشبيبية لآليات العمل، وهناك مبرر آخر لهذا العزوف هو تدهور واقع حقوق الإنسان والذي ينال الطلبة والمعطلون النصيب الأكبر من القمع. وللخروج من هذه الأزمة طالب ممثل شبيبة العدل والإحسان بتبني قضايا الشباب وطرحها للشباب بكل حرية ومسؤولية، وتوفير بيئة سياسية وحقوقية لعلم سياسي شبيبي، وكذا توفير الحد الأدنى من العيش الكريم ومحاربة الأمية، والتعاقد لتأسيس ثقافة جديدة بين الفاعلين في المجال السياسي قوامها التنافس الشريف. وحول تخفيض سن التصويت إلى 18 سنة تساءل لمباركي عن ظرفية هذا التعديل الذي يأتي قبيل الانتخابات الجماعية، ولماذا لم يتم قبل الانتخابات التشريعية، معتبرا أن مشاركة الشباب في الانتخابات والسياسية عموما غير مرتبطة بالسن بل بمبدأ اقتناع فئة عمرية هامة من المجتمع بأساليب لعبة سياسية ونتائجها ومدى تأثيرها على الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويضيف لمباركي أن هذا التخفيض مع الاحتفاظ بسن الترشيح يمكن قراءته من خلال 3 قراءات :
§ اقتناع مسبق لدى بعض الجهات بأن الشباب المغربي قاصر وغير قادر على تحمل المسؤوليات.
§ استمرار عقلية اعتبار الشباب خزانا انتخابيا للمشاركة وعدم الترشيح.
§ استمرار عقلية اعتبار الرهينة بالجهات العليا للمطالب الجزئية.
وفي الأخير، دعا لمباركي إلى ضرورة تبني مطالب إصلاح دستوري حقيقي يحدد مهام كل المؤسسات الرسمية كمدخل للخروج من الوضع الراهن الكارثي مركزا على أن الشباب هم قوة الأمة وأملها.

العمل الشبيبي جزء من العمل السياسي العام
تساءل رفيق بلقرشي، عضو المكتب الوطني للشبيبة الاستقلالية، عن أية شروط يعمل فيها الشباب داخل أحزابه ومنظماته الشبيبية، مبديا ملاحظاته في هذا السياق حول مدى تجاوب الشباب مع الاستحقاقات السياسية التي تعرفها بلادنا، فهناك من ينظر إلى الشباب ككتلة انتخابية ينتهي دورها بانتهاء الإعلان عن النتائج الانتحابية، في حين أن الشباب هو قوة حاملة لمشعل التغيير نحو الأحسن ومرتبط أشد ارتباط بقضايا بلاده وأمته، : وحول عزوف الشباب عن العمل السياسي أوضح الأستاذ بلقرشي أن هناك ظروف ذاتية وموضوعية تحول دون تحمل الشباب لمسؤولياته في الانخراط السياسي والحزبي، منها ضعف الكفاءة والقدرة والمبادرة في الصف الشبيبي، وكذا عدم وجود هياكل سياسية تؤمن بحضور الشباب كفئة عمرية داخل أجهزتها التقريرية، وبخصوص الرهانات والتحديات المطروحة على الشباب، أكد ممثل شبيبة حزب الاستقلال على النظر إلى العمل السياسي نظرة شمولية، وعدم الاقتصار على الرهان الشببي، فهناك بعض الجهات التي تراهن على الشباب لضرب مبادئ الديمقراطية، مع أن المطلوب هو توسيع المشروع الديمقراطي وفتح الباب لكل فعاليات المجتمع بما فيها الشباب حتى لا يبقى بعيدا عن التقرير في مصيره. واعتبر بلقرشي أن ظاهرة عزوف الشباب عن السياسة هو أمر قديم بتراكم الهزائم والإحباط وسيكولوجية القهر المسلطة على الشباب، داعيا إلى العمل على مسارات تكوين المواطن الشاب المدرك لكل مقومات المواطنة الحق من خلال التعلم والعمل الجمعي والحقوقي.

الشباب هم أول المتضررين من الاختيارات العامة
اعتبر عبد العالي حامي الدين، عن شبيبة العدالة والتنمية، أن الانتخابات الأخيرة كانت الأحسن تزويرا في تاريخ المغرب مؤكدا على ضعف المشاركة السياسية للشباب من خلال النسبة المتدنية للانخراط في الأحزاب السياسية والتزوير والفساد... وفصل حامي الدين في أن الحركات الإسلامية تستقطب أكبر عدد من الشباب عكس الأحزاب السياسية الأخرى التي تعرف شيخوخة مسيطرة، داعيا إلى فتح المجال للشباب ليعبر عن آماله وآلامه وطموحاته في إطار من الديمقراطية كأداة لتفعيل العمل الجماهيري، وبدوره طالب ممثل العدالة والتنمية بإصلاح الدستور، وتفويض الصلاحيات للبرلمان، وبإعادة الاعتبار للعمل السياسي التأطيري للشباب.
المناظرة الوطنية حول التعليم العالي والبحث العلمي
أكد أحمد الكتاني عضو الكتابة العامة للجنة التنسيق الوطنية على وجوب القيام بقراءة نقدية وموضوعية وواقعية للميثاق الوطنية للتربية والتكوين بعيدا عن كل الأشكال السطحية كما دعت إلى اعتماد دراسة تستند إلى معطيات وإحصائيات علمية ترتكز على ثوابت رصينة وهوية إسلامية.
بعد ذلك تم طرح ورقتين تتعلق الأولى بالإصلاح البيداغوجي وأهدافه، والثانية بالقوانين المنظمة للجامعة.
وهكذا أكدت الورقة الأولى أن المنظومة التعليمية تشارك فيها ثلاث مكونات أساسية: الأساتذة، الطلبة، الإدارة. ويلاحظ أن الإصلاح البيداغوجي يقصي الطالب كعنصر أساسي داخل هذه المنظومة، وركزت الورقة على الإكراهات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وأبرزها صعوبة إدماج الخريجين في سوق الشغل وعدم استقراره، كما ركزت على ضعف البنيات التحتية التي لا تتماشى مع القيم العلمية للجامعة. وشددت الورقة على أنه لا يمكن تحقيق التنمية بدون تعليم بناء يحترم الهوية العربية والإسلامية، ولا قيمة لإصلاح لا يهدف إلى تحسين النظام البيداغوجي والسعي لتأهيل الطالب لولوج عالم الشغل.
أما الورقة الثانية المتعلقة بالقوانين المنظمة للجامعة فقد ركزت على قانون 00/01 ووصفته بعدم الوضوح واللامسؤولية وتحكم الهاجس الأمني فيه حيث جاء نتيجة سياسة ارتجالية أملتها تبعية المغرب لسياسة البنك الدولي، فعلى صعيد الهيكلة الجامعية يهدف القانون المذكور إلى تكوين المجالس الإدارية وتغييب دور الطلاب.
ندوة:يت الورقتان نقاشا عميقا استفاض فيه ممثلو الفروع الجامعية الذين أجمعوا على ضرورة الوعي التام بهذه القوانين وتوحيد الجهود وتنسيقها مع باقي المكونات السياسية والفعاليات المدنية من أجل مواجهة آثاره السلبية على الطالب والجامعة.
ندوة : "التعليم العالي من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين"
وصف الأستاذ عبد الحكيم الحجوجي مفتش التعليم الابتدائي مسلسل إصلاح التعليم "بالتخبط والارتجالية فالمغرب إلى حدود الآن عرف 25 وزيرا تنابوا على وزارة التعليم وهناك أكثر من 10 إصلاحات"، متسائلا هل هناك إرادة حقيقية للإصلاح ؟ ثم ما هي فلسفة هذا الإصلاح ..؟
وركز الأستاذ المحاضر على أهمية فلسفة الإصلاح لأنها لا تتغير، بل مؤطرة بثوابت المجتمع ومراميه "فكل مجتمع قيمه وتصوراته ومجتمعنا له قيم إسلامية، هذه القيم التي نفتقدها في ما يسمى مواثيق إصلاح منظومتنا التربوية، والداعين لهذا المنهج الأصيل بإعادة الدين واللغة العربية لسياسة التعليم هو وطنيون غيورون على مصلحة البلاد في مواجهة دعاة التغريب الذين ينقضون على كل محاولة للإصلاح مما جعل الأزمة تتفاقم باعتراف كل الجهات بما فيها العليا".
وبخصوص "الميثاق الوطني للتربية والتكوين قال الأستاذ الحجوجي أن اللجنة التي أشرفت عليه غير دستورية ولا تمثل الشعب المغربي وما أقرته من إملاءات البنك الدولي التي تقضي بإتباع سياسة تقليص النفقات في المصالح الاجتماعية وإقرار الخوصصة والنخبوية فيما يخص التعليم العالي من جهته أكد محمد بنمسعود عضو الكتابة العامة للجنة التنسيق الوطني أن هناك إجماعا على كارثية الوضعية التعليمية بمختلف الأسلاك ليطرح السؤال عن مدى فعالية الميثاق الوطني للتربية والتكوين حتى يكون جوابا لأسئلة الواقع.
بعد ذلك تطرق المحاضر إلى شروط الإصلاح من خلال بناء مشروع مجتمعي متكامل وسن سياسة تعليمية واضحة الأهداف والمرامي وتوفر إرادة حقيقي للتغيير، ودعا بنمسعود جميع مكونات التعليم الجامعي إلى التفكير في ميثاق جامعي يستجيب لآمال وتطلعات جميع المهتمين.
بعد ذلك فتح المجال لمداخلات وأسئلة الطلبة الحاضرين مركزين على ضرورة الوعي الطلابي بهذا الميثاق من خلال التفكير الجماعي في وضع مقترحات وبدائل له.

ندوة الواقع السياسي ومداخل الإصلاح
أجمع الأساتذة فتح الله أرسلان ومحمد ضريف ومحمد الحبيب الفرقاني وأحمد ساسي على أهمية الحوار وتضافر الجهود بين مختلف المكونات للخروج من الوضع المتأزم للبلاد.
أكد الدكتور محمد ضريف أستاذ القانون الدستوري على أن المشهد السياسي بالمغرب تحكمه آليتين : قانونية وسياسية وهو ما يجعل المغرب يعيش ديناميكية لا ترقى إلى مستوى التحول التام، فالآلية القانونية مرتبطة بطبيعة النظام ومشروعيته من خلال مجموعة من الآليات كالانتخابات، أما الآلية السياسية فتتمثل في الأحزاب التي تراجعت عن مطالب الإصلاح والتغيير مما يقتضي إعادة تفعيل دورها وعقلنة تعددها، كما أن الوضعية الحقوقية مؤشر من مؤشرات مشهدنا السياسي خصوصا في ظل ما نعيشه من محاولة الإقرار "قانون مكافحة الإرهاب" الذي سيجهض قانون الحريات العامة. وبالنسبة لمداخل الإصلاح شدد ضريف على أهمية الحوار والاتفاق على حد أدنى من التوافق كمدخل سياسي مميزا بين تجليات الإصلاح ومداخله.
من جهته اعتبر محمد الحبيب الفرقاني عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي سابقا، أن للشباب والطلبة دور كبير في عملية التغيير وهم من حرر البلاد من نير المستعمر وهم المعول عليهم في الوقت الحالي، ووصف الأزمة التي يعيشها المغرب بالشاملة وعلى جميع الأصعدة فهي أولا أزمة علاقات وقيم تشمل نظامنا السياسي ونخبنا المثقفة وفي مقدمتها أحزابنا السياسية بعد ترجعها عن دورها في تأطير الشعب المغربي، وتراجع مطالبها الإصلاحية وأيضا فساد وضعنا الاقتصادي وتفشي الأمية المطبقة في صفوف الشعب المغربي، مما يقتضي منا ضرورة توحيد الجهود وإعطاء أولوية للحوار بين مختلف المكونات.
بدوره قال الأستاذ أحمد ساسي، عضو الأمانة العامة للحركة من أجل الأمة، أن المشهد السياسي المغربي أسن وراكد ويتجلى ذلك في مظاهر فساد نظامه السياسي الذي يفتقد للشرعية ويغيب فيه صيغة تعاقد الحاكمين مع المحكومين، مما يجعل المواطنة كحف تصبح معه منة ومنحة وامتيازا، وانتقل ساسي إلى انتخابات 27/9 وما تمخض عنها من نتائج وحكومة غير منسجمة ووصف الانتخابات بأنها غير مطعون فيها لكنها تفتقد لشروط النزاهة، أما مداخل الإصلاح فيرى المحاضر أنها ترتكز على نظرية ثلاثية الأضلاع فالواقع يحتاج إلى إصلاح وتصحيح وتغيير، يشمل ذلك الحكم والمجتمع والعلماء، وعماد ذلك هم أبناء الحركة الإسلامية بعد تراجع دور الأحزاب، داعيا إلى إعلان المقاومة المدنية والكف عن المراهنة على الآليات الفاسدة.
وطرح الأستاذ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان تصور الجماعة للواقع السياسي المغربي وبأن واقعنا لا ينفصل عن الوضع المتردي لعالمنا العربي والإسلامي نتيجة الهجمات الاستكبارية عليه، وبالحديث عن سمات مشهدنا السياسي وصفه الأستاذ أرسلان بأربع خصائص هي نخبوية مكوناته وإقصاء باقي الفاعلين وغموض واقعه ومستقبله واحتكار الدولة لكل آليات العمل السياسي، مما يقتضي إيجاد مدخل / مخرج الإصلاح بعد أن تبين أن المدخل الانتخابي والتناوب على السلطة أمرا غير كاف داعيا إلى تغيير يمس الوضع الدستوري على أن تسبقه مرحلة الاتفاق على ميثاق واضح الأهداف والمرامي وعلى بيئة من الشعب.
العدد 47 / 13-3-2003

الخميس، 13 مارس 2003

مسيرة مليونية نددت بتخاذل المواقف الرسمية العربية

تضامنا مع الشعب العراقي في الدار البيضاء
مسيرة مليونية نددت بتخاذل المواقف الرسمية العربية

حسن اليوسفي
نظمت السكرتارية الوطنية لمساندة الشعب العراقي يوم الأحد 2 مارس الجاري، مسيرة في مدينة الدار البيضاء تضامنا مع الشعب العراقي وضدا على الحرب المرتقبة على العراق، والمعلن عنها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها انجلترا.
الملاحظ أن هذه المسيرة التي يمكن أن يطلق عليها المسيرة المليونية، قد جمعت كل ألوان الطيف السياسي، وحسب العديد من الملاحظين، فإن نسبة تفوق 70 في المائة من المشاركين كانت مشكلة في الحركات الإسلامية، وبالمقارنة مع العديد من المسيرات الأخرى التي نظمت في باقي ربوع العالم العربي، فقد اعتبرت مسيرة البيضاء من أضخم المسيرات التي أقيمت في كل الوطن العربي لحد الآن. وتجدر الإشارة إلى أن والي مدينة البيضاء، بالإضافة إلى أقطاب المسؤولين الأمنيين، كانوا موجودين في عين المكان لتتبع مسار المسيرة الذي امتد على طول زهاء عشرة كيلومترات. ومن خلال ارتسامات المشاركين، فقد تم التأكيد على ضرورة تقديم الدعم للشعب العراقي الصامد الذي يعاني من الحصار المفروض عليه من أزيد من عشر سنوات، كما تم التأكيد أن الشعب المغربي مستعد لتقديم كل التضحيات من أجل كرامة المواطن في كل قطر عربي وإسلامي، وبالتالي الرفض المطلق لأي تدخل أمريكي في العراق. و فيما يتعلق بالبيان الختامي الصادر عن مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في شرم الشيخ، كان الإجماع على أن البيان ظل محتشما ولا يعبر عن نبض الشارع العربي. وفي ما يلي تصريحات بعض أعضاء الهيئات المشاركة في المسيرة.

جودت العاني، القائم بالأعمال في السفارة العراقية في المغرب
هذه المسيرة الكبيرة الحاشدة في الدار البيضاء، هي في حقيقتها سلسلة من التظاهرات التي عمت العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، ومن شماله إلى جنوبه.
وهذه المسيرات التضامنية مع العراق ومع الشعب الفلسطيني لن تتوقف مادام الأمر مستمرا في التهديد بشن العدوان على العراق، وذبح الشعب الفلسطيني قائمان من قبل إدارة الشر الأمريكية، ومن قبل إدارة السفاح شارون. وأن هذه المسيرة الشعبية العارمة تعبر بصدق وبشفافية عالية عن رفض الأطر الرسمية التي توصلت إليها نتيجة عدم القدرة على إدراك الموقف الحقيقي والصحيح إزاء المخاطر التي يتعرض لها الوطن العربي.
إذا، هذه الحشود الغفيرة المعبرة بصدق تبعث برسالة إلى الإدارة الأمريكية، وتقول لها بالحرف الواحد أن تكف عن تهديد العراق بالعدوان، وتبعث برسالة أخرى إلى المجرم شارون بأن يكف عن تقتيل الفلسطينيين، وبأن المنطقة العربية وعموم العالم الإسلامي لن يكون لقمة سائغة لمخططات العدوان الأمريكي والصهيوني على الأمتين العربية والإسلامية.

خالد السفياني، عن الهيئة الوطنية لمساندة الشعب العراقي
مرة أخرى يؤكد الشعب المغربي اليوم على أنه في مستوى التضامن، والاعتزاز كل الاعتزاز بأبناء هذا الوطن الذين لم يخلفوا الوعد أبدا. فكما كانت كل المسيرات السابقات، تأتي هذه المسيرة اليوم لتؤكد على أن شعبنا في المستوى. لقد جاء اليوم كل المغاربة بكل الحساسيات السياسية والجمعوية والنقابية، إننا نجد أحزاب اليمين وأحزاب اليسار، والتنظيمات الإسلامية.. الجميع حمل إشارة كلنا عراقيون لنعلن من جديد انتمائنا للعراق القضية، ولنؤكد للإرهابي بوش أن عليه أن يواجه كل هذه الجماهير إن هو فكر في ارتكاب حماقته ضد شعبنا في العراق.. فكل المغاربة يؤكدون على أنهم منخرطون اليوم في المعركة ضد الإدارة الأمريكية والبريطانية والصهيونية فيما تريد أن تنفذه في المنطقة سواء ضد العراق أو غيره، وكل المغاربة يعلنون الآن لأبنائنا في العراق بأن صمودهم لم يذهب سدى، بل لقد أعطانا ويعطينا الزاد في أن تكون دوما إلى جانبهم في معركة الكرامة التي يخوضونها.
أما بخصوص بيان القمة فإن ما ينقصه هو العمل وليس المطالبة فقط بجلاء قوة العدو من منطقة الخليج العري حتى يقع تنفيذ قرار منع أي دولة عربية من المشاركة في العدوان على العراق.
يمكن اعتبار هذا البيان أنه خطوة متقدمة نوعا ما بالنسبة لما كانت عليه المواقف في السابق، ولكن تنقصه الآليات لمنع مشاركة بعض الدول العربية وخاصة دول الخليج في الخطر المحدق بشعبنا في العراق. وما على هذه الدول إلا المطالبة بجلاء القوات الأمريكية والبريطانية من أراضيها من كل المنطقة العربية، وبذلك سوف نحول فعلا ضد ارتكاب الحماقة الأمريكية.

فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان
هذه المسيرة وهي الأولى في العالم العربي بعد انعقاد القمة، أول رسالة موجهة للحكام العرب وللعالم، وهي تقول لهم إن الشعوب العربية والإسلامية هي أكبر من هذه القرارات المقزمة التي اتخذها حكامها. لذلك، فإننا نعتقد بأن هذه المسيرة سيكون لها هذا الصدى في قلب العالم العربي و الإسلامي، وسيكون لها هذه الدلالة خصوصا وأن حجم المسيرة وقوتها يظهر بجلاء أن للشعوب كلمتها.
فالمسيرات شكل من أشكال الدعم الذي يمكن القول بأنه يؤثر مباشرة على الرأي العام الوطني والدولي، الذي يقوي من شوكة إخواننا الصامدين في العراق وفي فلسطين، وعلمهم بوجود مثل هذه الحشود الكبيرة من الجماهير في أقصى الوطن العربي، لا محالة سيزيد من حشد همهم وسيقوي من موقفهم وسيجعهم على مزيد من الصمود ولمزيد من الثبات، ولعل هذه المسيرة ستحقق على الأقل هذا المبتغى.

محمد الفقيه البصري
إننا الآن في مسيرة وسط مدينة تاريخ المقاومة، ونحن في هذه المرحلة وبهذه المسيرة نقدم موقفا يربط التاريخ بمرحلة الاستعمار الفرنسي. ففي الوقت الذي اجتمع فيه الحكام العرب بحيث أذنهم اليمنى عند أمريكا والآذن الأخرى متجهة نحو شعوبهم، فإني أعتقد بأن هذه الوقفة ستجعل هؤلاء الحكام يقفون مع أنفسهم ليختاروا أين يجب أن يضعوا خطواتهم، وأن يستمعوا بكلتي أذنيهم إلى شعوبهم، ويجب أن يعلموا أيضا بأنه ليس هناك أي اختيار بين الاستعمار وبين الشعوب، وبأن ليس هناك أي اختيار بين قضية تهم الشعوب وتهمهم هم أيضا.
فالتاريخ أظهر أنه عندما تكاملت قضية الحكم مع الشعوب، حسمت المعركة لصالح الاستقلال والآن عندما تتكامل أيضا هذه الإمكانيات يجب أن يحسم تردد الحكام لصالح شعوبهم.

سعد الدين العثماني نائب الأمين العام للعدالة والتنمية.
هذه المسيرة تبين الرفض الشعبي القوي لأي عدوان تعده الإدارة الأمريكية والبريطانية ضد الشعب العراقي الذي هو محاصر أصلا منذ أكثر من عقد من الزمن... إنه تعبير شعبي يبين كون الشعوب جميعها، العربية والإسلامية والدولية، ترفض مثل هذا التعامل وهذا النوع من الهيمنة ومن الظلم ومن الطغيان.
نحن نتمنى أن يؤدي هذا الرفض وهذا التعبير إلى أن يلغى هذا العدوان على الشعب العراقي، وإلى أن تحل كل الأزمات والخلافات على المستوى الدولي بالطرق السلمية، وبالشرعية الدولية التي ترضاها الشعوب.
إن اتفراد قوة واحدة بالهيمنة في العالم خطر على الإنسان وعلى العالم كله. وكل مساهمة أو عمل من أي دولة عربية ضد العراق فهو مدان، ويجب على الشعوب العربية أن تقوم بدورها بالضغط على أنظمتها حتى لا تساهم في أي عدوان على الشعب العراقي الشقيق.
أما بخصوص مؤتمر القمة الأخير، فهو مؤتمر لأنظمة عربية هي في الأصل تعاني من مشاكل مع نفسها وداخل بلدانها، ومن الطبيعي أن يكون موقفها دون مستوى التحدي الذي تعيشه الأمة.

الجماهير المغربية لمسيرة الدار البيضاء تؤكد
لقد أكد البيان أنه أمام مرحلة الجنون التي وصلت إليها القيادة الأمريكية والبريطانية والتي من شأنها أن تدمر العالم، وأمام المفارقة الصارخة في عالم يدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب. فقد ارتفعت صرخات ملايين الحناجر ضد العدوان وارتفعت أصوات طبول الإبادة والدمار، فإن الجماهير المغربية تنتفض دفاعا عن الحق ومواجهة العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني على العراق.
وإذ تعلن الجماهير المغربية المشاركة في مسيرة 2 مارس 2003 بالدار البيضاء انتماء الشعب المغربي للعراق القضية، فإنها توجه رسالتها الواضحة إلى قيادة الإرهاب الأمريكي، لتؤكد له بأن الشعب المغربي مجمع على اعتبار أن عدوان على العراق عنوانا عليه، على تصميمه على مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة العربية والإسلامية وعلى انخراطه الكامل في معركة الكرامة.
وتناشد الجماهير المغربية المشاركة في مسيرة البيضاء كل أبناء المغرب، الاستمرار في تصعيد مبادرات الرفض للعدوان على العراق، وتعميم مقاطعة المنتوجات والمؤسسات والبضائع الأمريكية، كما تهيب بكل أبناء الأمة العربية والإسلامية أن يقوموا بواجبهم التاريخي والقومي والديني والإنساني في صد العدوان ومقاومة المعتدين، كما تناشد كل الشرفاء من أبناء المعمور الاستمرار في التعبئة والضغط للحيلولة دون وقوع الكارثة.
وإذ تعلن الجماهير المغربية المشاركة في مسيرة الدار البيضاء بصمود العراق وبالروح العالية للشعب العراقي، فإنها تدين بشدة استمرار التواجد العسكري الأمريكي على الأرض العربية والإسلامية واستمرار بعض الأنظمة العربية في اجترار موقف التواطؤ مع العدو وتطالب بالجلاء الفوري لجيوش العدو من كل الأراضي العربية الإسلامي. وبإيقاف كل
أشكال التواطؤ والإعلان الفعلي عن اعتبار العدوان على العراق عدوانا على أمتنا يستوجب تفعيل بنوذ اتفاقية الدفاع المشترك والانخراط في المواجهة.

الاثنين، 10 فبراير 2003

في الوقفة الاحتجاجية ضد الفكاهي الفرنسي المناصر للصهيونية

في الوقفة الاحتجاجية ضد الفكاهي الفرنسي المناصر للصهيونية
غاب المحتجون وحضرت قوات الأمن


أجلت المحكمة الابتدائية أنفا في البيضاء النظر في قضية الأشخاص التسعة، الذين تم اعتقالهم أثناء الوفقة الاحتجاجية التي أقيمت إحتجاجا على الحفل الذي أقامه الفكاهي الفرنسي "لوران جيرا" من طرف "طوب إيفنت" لتقديم حفلين كوميديين في المركب السينمائي "ميغاراما" في الدار البيضاء. ورفضت هيئة المحكمة تمتيع المتابعين التسعة بالسراح المؤقت. وقد وجهت إليهم النيابة العامة تهمة التجمهر بدون رخصة، وإهانة موظف أثناء مزاولة مهامه.

وكانت السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية لمساندة الشعب العراقي، قد دعت إلى وقفة احتجاجية أمام المركب السينمائي "ميغاراما" في الدار البيضاء مساء يوم الجمعة الماضي، وذلك احتجاجا على استدعاء الفكاهي الفرنسي "لوران جيرا" من طرف "طوب إيفنت" لبقديم حفلين كوميديين في المركب، وذلك لما عرف عن "لوران" من مواقف مناصرة للصهيونية وسيما بعد مشاركته وحمله لشعارات مناصرة للصهيونية ومعادية للقضية الفلسطينية خلال مظاهرة أقيمت في وقت سابق في باريس.
وقد كان عدد قوات الأمن بالمكان المخصص للوقفة مضاعفا بالنظر إلى عدد المحتجين الذين لم يتجاوزوا بضع العشرات متفرقين بين منفذين مؤديين للمركب السينمائي.
ولوحظ غياب التنسيق بين أعضاء السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية، الداعية للوقفة الاحتجاجية في التظاهرة التي لم تتم عمليا بحكم التواجد الأمني المكثف في المنطقة، بينما كان من بين الفئة القليلة التي حجت إلى عين المكان "المصطفى الحيا" برلماني سابق عن حزب العدالة والتنمية، و "عبد المقصود الراشدي" رئيس جميعة الشعلة بحيث لم يستطيعا تجاوز الحواجز الحديدية والأمنية التي كانت في المنفذ الأول المؤدي لعين المكان. بينما كان المنفذ الثاني المحاذي لمكتبة عبد العزيز آل سعود يضم بعض برلمانيي حزب العدالة والتنمية وعشرات المنتمين لحركة التوحيد والإصلاح.
وتجدر الإشارة إلى حدوث بعض المناوشات بين بعض المحتجين وعناصر أمنية أمام المدخلين معا، أدت إلى احتجاز بعضهم داخل سيارة الأمن واحتجاز هاتف نقال يحتوي على آلة تصوير كان بحوزة أحدهم.
كما تجدر الإشارة إلى أن الحفل قد أقيم في المركب بحضور ضعيف جدا، بينما كان خارج "ميغاراما" مطوقا بشتى أنواع رجال الأمن، ولا مجال للوصول إلى عين المكان بحيث بدت المنطقة كأنها في حصار.
لم يكن بإمكان "مغرب اليوم الجديد" أن تصل إلى ساحة المركب السينمائي لولا تخطيها لكل الحواجز الأمنية بإصرار وبعد أخذ ورد من مسؤول أمني إلى آخر، حيث لم يكونوا يسمحون سوى للقناتين الأولى والثانية، دون الصحافة المكتوبة حسب ما قال لنا عميد الشرطة الذي سمح لنا بالمرور إلى عميد آخر، لم يسمح لنا إلا بعد تلقيه أمر الموافقة من رئيسه. لكن أمام مدخل "ميغاراما" كانت هناك تعليمات أخرى شديدة اللهجة وصارمة من مسؤولين كبارا، تقضي بمنع كل من لا يتوفر على دعوة لولوج المركب السينمائي، بل كانت هناك تعليمات تقضي بعدم الاقتراب حتى من طوار المركب.
بعد ذلك حاولت "مغرب اليوم" القيام بجولة في المنطقة الفارغة من أي شخص عاد، إلا أن تدخلات السلطات الأمنية بزيها الرسمي والمدني، كانت تحول دون الاقتراب من "ميغاراما" من أي اتجاه كان، وكانت هناك تدخلات لا تليق وشعارات دولة الحق والقانون إزاء صحافي يقوم بعمله مثلما يقوم بذلك رجل الأمن.


07/02/2003

الجمعة، 7 فبراير 2003

عرفات مطالب بدفع 52 مليون شيكل لشركة إسرائيلية

بينما تحتجز إسرئيل أموال السلطة
عرفات مطالب بدفع 52 مليون شيكل لشركة إسرائيلية


قضت محكمة محلية في تل أبيب، على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بدفع غرامة مالية كبيرة إلى شركة حافلات "إيغيد" بسبب الخسائر التي لحقت بالشركة جراء الإنتفاضة الفلسطينية المتواصلة منذ ثمانية وعشرين شهرا.

قالت صحيفة "هارتس" إن المحكمة قضت على عرفات بدفع مبلغ 52 مليون شيكل (حوالي 11 مليون دولار) تعويضا للشركة عن خسائرها، كما قضت بتحميله أيضا الأتعاب القانونية، وتكاليف الدعوى ليرتفع المبلغ إلى 100 مليون شيكل (حوالي 20 مليون و700 ألف دولار). وكانت شركة إيغيد قد رفعت قبل ثلاثة أشهر دعوى ضد الرئيس والسلطة والمجلس التشريعي الفلسطيني، بحجة انخفاض عائدات الشركة بسبب العمليات الفدائية التي وقعت على حافلاتها. وفقا للدعوى، فإن الهجمات الفدائية أدت إلى خسائر مالية كبيرة بسبب إحجام الإسرائيليين عن استخدام حافلات النقل العام خوفا على حياتهم. وطبقا لإحصائيات وردت في أوراق القضية فقد تعرضت حافلات الشركة لثلاثة وخمسين هجوما منذ اندلاع الانتفاضة، منها عشرون هجوما "انتحاريا" قتل فيها مائتا شخص.
وعلاوة على ذلك فقد طالبت الشركة في دعواها بإلقاء الحجز التحفظي على أموال السلطة الوطنية الفلسطينية المحتجزة أصلا في إسرائيل. وهو الأمر الذي وافقت عليه المحكمة أيضا ونشرت إعلانا بالتحفظ على أموال السلطة. وفي هذا الشأن حولت إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية 280 مليون شيكل (58 مليون دولار) وهي الدفعة الأكبر من نوعها منذ اندلاع الانتفاضة. وقالت الصحف الإسرائيلية الصادرة أن الدفعة التي حولت لحساب وزير المالية الفلسطيني سلام فياض تتضمن مبلغ 170 مليون شيكل هي حصيلة الضرائب التي جمعتها إسرائيل خلال شهر ديسمبر الماضي و100 مليون شيكل هي من ضمن بليوني شيكل من أموال السلطة وتحتجزها إسرائيل وسيتم تسليم السلطة منها 100 مليون شيكل شهريا. وجاء تحويل هذا المبلغ والدفعات السابقة بعد ضغوطات مكثفة مارستها الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل لتسليم السلطة أموال الضرائب وعوائد الجمارك التي تجمعها إسرائيل وفقا لاتفاقيات أوسلو وتحتجزها منذ اندلاع الإنتفاضة.
وقد وافق رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون على تسليم السلطة أموالها بشرط فرض رقابة دولية صارمة لطرق إنفاق هذه الأمول لضمان عدم صرفها على تحويل نشاطات "إرهابية" على حد تعبير شارون..

07 فبراير 2003

موازاة الهجوم الفدائي على مستوطنة كفارداروم

موازاة الهجوم الفدائي على مستوطنة كفارداروم
مزيدا من الاحتجاج الإسرائيلي


في أعقاب الهجوم على مستوطنة كفار داروم، تقدمت أكثر من 15 دبابة وآلية عسكرية إسرائيلية مدرعة، ترافقها 3 جرافات باتجاه منطقة شارع المحطة في مدينة دير البلح، تحت وابل كثيف من إطلاق النار، قبل أن تشرع في هدم عدد من منازل وممتلكات المواطنين الواقعة شمال شرق مستوطنة "كفار داروم". وقالت مصادر فلسطينية أن قوات الاحتلال حاصرت منزل المواطن أسعد يوسف العزايزة (48 عاما) وأجبرت من فيه على الخروج منه، قبل أن تشرع بتدميره، وتجريف مزرعتي أشتال ودواجن ومصنع للآجور والإسمنت. وأضافت أن جنود الإحتلال فتحوا النار باتجاه عائلة العزايزة المكونة من 7 أفراد لإجبارهم على الخروج من المنزل، كما اعتقلوا الإبن الأكبر يوسف (19 عاما)، كما جرفت ممتكات وغرفا زراعية تعود للمواطن سمير محمد العزايزة. وذكرت المصادر أن جنود الاحتلال فتحوا النار بكثافة باتجاه المواطنين الذين حولوا التصدي بصدورهم العارية لعمليات الهدم. وفي مدينة خان يونس أصيبت مواطنة واثنان من أبنائها في ذلك الوقت، عندما فتحت قوات الاحتلال الإسرائيلية المتمركزة على حاجز التفاح، نيران أسلحتها الرشاشة عشوائيا على منازل المواطنين غرب المحافظة. وأفادت مصادر طبية في "مستشفى ناصر" في مدينة خانيونس، أن المواطنة عزيزة أبو سحلول (50 عاما) وابنيها إبراهيم (15 عاما) وأحمد (3 سنوات) نقلوا إلى المستشفى إثر إصابتهم بشظايا في الوجه. ووصفت حالتهم بالمستقرة. وذكر الأهالي أن جنود الإحتلال المتمركزين على حاجز التفاح العسكري غربي المحافظة، فتحوا نيران أسلحتهم باتجاه مخيم خان يونس، مما أدى إلى إصابة المواطنين داخل منازلهم وإلحاق أضرار مادية في عدد من البيوت.
في مدينة رفح جرفت قوات الإحتلال أربعة منازل في حي السلام قرب الشريط الحدودي مع مصر. وأكد شهود عيان أن جرافة احتلالية، مدعومة بثلاث ناقلات جند ومجنزرة تحركت على الحدود مع مصر، باتجاه حي السلام، حيث قامت بتجريف البيوت الأربعة تحت ساتر من النيران الكثيفة التي أطلقها الجنود باتجاه منازل المواطنين بشكل عشوائي.

وثيقة صهيونية تدعو للحد من ظاهرة هجرة العرب والفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر

وثيقة صهيونية تدعو للحد من ظاهرة هجرة العرب والفلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر
وتعتبر إنجاب الأطفال العرب خطرا يهدد أمنها القومي

كشفت صحيفة "معاريف" عن وثيقة عنصرية جديدة أعدها رئيس دائرة السكان التابعة لوزارة الداخلية الصهيونية، وهذه الوثيقة تنضم إلى وثائق عنصرية عديدة أعدتها الدولة العبرية، لمحاربة ما تسميه "الخطر الديمغرافي" وتشكل هذه الوثيقة العنصرية خطوة خطيرة في تعامل الكيان الصهيوني مع المواطنين الفلسطينيين، حيث تعتبر الأطفال العرب خطرا على الأمن القومي الصهيوني.
وتحاول هذه الوثيقة البغيضة محاربة ظاهرة إنجاب الأطفال العرب تحت ستار "تعدد الزوجات". وقد جاء في الوثيقة التي أعدها ضابط الجيش الاحتياطي هرتزل غدج :

تشكل "إسرائيل" هدفا للمهاجرين من غير اليهود من دول مختلفة في العالم وخاصة من الدول العربية، ومن مناطق السلطة الفلسطينية. وتشكل هذه الهجرة خطرا على الأمن القومي لدولة "إسرائيل" وخطرا أمنيا جنائيا وسياسيا، وديمغرافيا على مستقبل الدولة.
وتدعو الوثيقة الحكومية الصهيونية إلى سن قوانين جديدة ومحاربة هذه الظاهرة بدون هوادة. كما صرح مسؤول صهيوني كبير. وتتناول الوثيقة ظاهرة تعدد الزوجات وكثرة الأطفال العرب وتعدد المبالغ التي تحصل عليها عائلات عربية من مخصصات الأطفال.
وليست هذه المرة الأولى التي تحاول الدولة العبرية وتخطط لمحاربة إنجاب الأطفال العرب، وتحاول وضع سياسة خاصة للحد من النسل العربي. وكانت شلوميت ألوني مؤسسة حركة "ميرتس" قد نشرت مقالا قبل عدة سنوات ترصد فيه محاولات وسياسات صهيونية للحد من النسل العربي، وتشرح كيف نشرت الدولة العبرية في المدن والقوى العربية دوائر خاصة لتشجيع النساء العربيات على استعمال حبوب منع الحمل، وتقول ألوني إن هذه الخطوة جاءت بهدف الحد من عدد الأطفال العرب وتقليل الإنجاب.
ومنذ حكومة بن غورين قامت الدولة العبرية بتجنيد الأرحام، حيث دعت حكومة بن غوريون النساء اليهوديات إلى زيادة إنجاب الأطفال واعتبرت رحم المرأة اليهودية سلاحا لمحاربة العرب.
ونشير هنا إلى قوانين الخاصة التي سنتها حكومة ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية، بهدف تشجيع النساء الألمانيات الأصل على زيادة إنجاب الأطفال، بينما شرعت قوانين موازية تخضع النساء الحوامل من "غير الألمانيات" للإجهاض.
ويقول العميد (احتياط) هيرتزل غدج رئيس دائرة السكان في وزارة الداخلية الصهيونية إنه في نطاق الدولة العبرية يعيش نحو 20 ألف عربي تزوجوا نساء من دول مختلفة وجميعهن مسجلات كمواطنات في الدولة.
ويضيف رئيس دائرة السكان في التقرير الذي جاء تحت عنوان تعدد الزوجات في "إسرائيل" العدد المتزايد للأجانب الذين يحصلون على إقامة دائمة في "إسرائيل" على أساس الزواج غير القانوني، يستدعي إعادة نظر، وتغيير تشريعي وحرب بلا هوادة للظاهر. فالحديث يدور عن مواطنين أو سكان ينتهكون قوانين الدولة، يتزوجون وفقا للدين الإسلامي والأمر يجري بعلم رجال الدين من قضاة ووجهاء يتلقون المساعدات والأجور من دول "إسرائيل" على حد زعمه.
ويشير التقرير إلى سلسلة نماذج تجسد ظاهرة تعدد الزوجات في أوساط المسلمين داخل الخط الأخضر. كما يكشف التقرير أن المواطنين العرب يتزوجون من نساء من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية بل وأحيانا نساء يهوديات.
وقال مصدر حكومي رفيع المستوى : "لا يدور الحديث فقط عن تهديد وجودي، ديمغرافي وأمني، بل عن نفقات اقتصادية هائلة. وعلى رئيس الوزراء أن يتخذ قرارا فوريا لتغيير التشريع وخوض حرب لا هوادة فيها ضد الظاهرة الآخذة بالاتساع".
وأضاف المصدر ذاته بأنه سيجري قريبا نقاشا مع رئيس الوزراء ووزير العدل ومحافل فرض القانون، للبحث في سبل التصدي لهذه الظاهرة على المستوى الصهيوني.


07/02/2003

الجمعة، 24 يناير 2003

"لحظة ظلام" أقلقت الحداثيين من "الخطر الأصولي

"لحظة ظلام" أقلقت الحداثيين من "الخطر الأصولي"


خلق فيلم "لحظة ظلام" جدلا إعلاميا بلغ حد الضجة بين رأيين متباعدين صاحبه تصريحات نارية من كلا الطرفين، واحد يمكن وصفه بالمدافع عن "الإنفتاح الحداثي"، وأبان عن طبيعة روحه وميوله وانتماءاته، وحتى إستعداد بعض الذين تحدثوا باسمه، لمحاربة كل من سولت له نفسه التصدي لـ "الحداثة". ورد الطرف الآخر باتهام نقيضه بأنه يريد إلباس القضية لبوس الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وبالأخص أن بعض المؤيدين لعدم حذف لقطات الإثارة الجنسية من "لحظة ظلام"، قد أعلنوا الحرب مباشرة على من أسموهم بـ "المتطرفين"، بل ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك حينما قال " إذا كان المسؤولون في بلادنا عاجزين عن حماية المجتمع المغربي، وغير قادرين على فرض احترام المؤسسات والقوانين، فما عليهم إلا الانسحاب وفسح المجال لأشخاص آخرين صمموا العزم على مواجهة هذا الخطر...". كل ذلك من أجل سؤال شفوي، أو لنقل اعتراض حتى من طرف نواب أصوليين على لقطات وردت في الفيلم المذكور، إعتبروها مخلة بالآداب والأخلاق وتتعارض مع مبادئ الدولة التي ينص دستورها على الإسلام دينا للدولة والناس.

وللملاحظ أن يقول أن كل المشاكل التي يتخبط فيها الشعب المغربي قد انتهت، لم يبق إلا الترف الفكري والجدل الكتابي حول أمر لا يقبل به أغلبية الناس أن يكون على أمهاتهم وبناتهم وزوجاتهم إلا الذين لا يرون في ذلك غضاضة على أنفسهم، فينطبق عليه المثل الشعبي : ّإيمارة الدار على باب الدارّ"..
لقد رفض نبيل عيوش مخرج الفيلم أن يتم حذف لقطات من فيلمه، عكس رأي لجنة المراقبة التي رأت بأن بعض اللقطات مخلة بالأخلاق ولا تتماشى وروح مبادئ وأخلاق الشعب المغربي المسلم. بل والأكيد هو أن فيلم "لحظة ظلام" الذي وصفه الناقد السينمائي المصري أشرف البيومي بـ - فيلم رديء يتاجر بالحرية -، قد تعرض لانتقادات من طرف العديد من النقاد إبان عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي سيما عندما وضع نبيل عيوش مجموعة شروط لعرض فيلمه كان من أهمها عدم المساس باللقطات الجريئة للفيلم، وهو الأمر نفسه الذي أكد عليه خلال المهرجان السينمائي في مراكش مما أدى إلى منعه.
وقد شنت مجموعة من الأطراف، إعلامية وسينمائية مغربية حربا ضروسا على منع اللقطات اللاأخلاقية من الفيلم بعدما أكد وزير الاتصال في جوابه على سؤال الفريق النيابي للعدالة والتنمية في البرلمان بـ "حرص الحكومة على التصدي لكل ما يخل بالحشمة والآداب ويخدش الحياء العام بما يتنافى وقيم مجتمعنا المترسخة في التاريخ".. ومن خلال هذا التصريح يتأكد أن لجنة دعم الأفلام لن تتردد في حذف اللقطات المخلة رالآداب والأخلاق سيما من الأفلام المغربية.
لقد وصل دعم الفيلم المذكور إلى 260 مليون سنتيم يعتبرها الكثيرون أنها من أموال الشعب الذي يريد أعمالا فنية جادة تعالج قضايا اجتماعية في احترام تام للمبادئ الأخلاقية، في الوقت الذي تظل حرية المبدع السينمائي مضمونة مادامت في حدود المعقول، لكنها ليست مقدسة أو فوق العادات والسلوكات المحترمة للقيم الإجتماعية.
وبحكم أن هناك مجالا أوسع للحرية في ظل الإنفتاح والعولمة، فهذا لا يعني البتة الخروج عن اللياقة الأدبية والحشمة والوقار. وإذا كانت الحرية أيضا مضمونة بحكم قوانين حقوق الإنسان والحق في التعبير، فإن الرقابة على قيم المجتمع ضرورية ويجب أن تكون ابتداء من المبدع نفسه إذا كان يعتبر نفسه واحدا من أبناء مجتمعه.
الرقابة إذن لا تعني العودة بالمجتمع إلى العهود البائدة كما قال أحدهم، وليست أداة لضرب الديمقراطية والإنفتاح ولا الحرية ولا الحداثة حتى، وإنما هي أداة تحفظ المجتمع من المنزلقات التي يمكن أن يقع فيها من هم ديمقراطيون ومتحررون وحداثيون.
من المهاجمين أيضا من دعا الدولة بصريح العبارة إلى ضرورة أن تكون متشددة مع من "يريدون زعزعة استقرارنا بتشديد القوانين المحاربة للإرهاب" مضيفا بأنه على الأجهزة الأمنية أن ترفع من مستوى يقظتها واحتياطها قبل فوات الأوان، وطالب الديمقراطيين وأنصار الحداثة، لأن يتحركوا بكثافة لوقف ما أسماه بـ "الخطر الأصولي".
لقد بدأ هذا النداء وكأنه يريد إبعاد الفتنة عن الناس، فيما هي دعوة أكبر من الفتنة، وقانا الله منها ومن موقظيها مفضلين أن نذكر بما قاله أحمد شوقي على أن نلعن من يوقظها، لأننا في غنى عن متاهات طارئة وغير حقيقية للرهانات والتحديات المختلفة التي تحتاج التسلح بالمبادئ والأصالة والأخلاق التي قال عنها الشاعر :

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا



حسن اليوسفي
24 يناير 2003

الأحد، 5 يناير 2003

معطيات اجتماعية تهم سوق الشغل في منطقة الدار البيضاء

معطيات اجتماعية تهم سوق الشغل في منطقة الدار البيضاء

تعيش ولاية الدار البيضاء الكبرى منذ مدة على إيقاع العديد من الشريحات ومن إغلاق مجموعة من المؤسسات، الأمر الذي أدى إلى خلق أزمة اجتماعية تلقي بظلالها على فئات أصبحت محرومة من قوت يومها. ولذلك فقد صار التشغيل أولوية اجتماعية بالنظر إلى النسب المرتفعة للبطالة التي بلغت في المدينة حدود 13 % خلال الربع الأخير من سنة 2001 حسب بعض التقديرات من داخل الولاية، بحيث ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 25.3 % بالنسبة للشباب من حاملي الشهادات خلال الفترة نفسها، وهو الذي ينعكس سلبا على الأسر.
ولأن التشغيل أولوية اقتصادية، بات من الضروري التفكير في إعادة تأهيل النسيج الاقتصادي في إطار العولمة من توفير الموارد البشرية المؤهلة والمتوفرة على مؤهلات مهنية وعلمية يجب تشغيلها وبالتالي الاستفادة منها.
وحسب تقرير صادر عن اللجنة الجهوية للسكان في مدينة الدار البيضاء في ماي 2002، يمكن ملامسة معوقات الشغل من خلال حالات الإغلاق والتقليص من عدد الأجراء والتخفيض من ساعات العمل.
فقد توقفت سنة 2001، 84 وحدة إنتاجية وخدماتية عن العمل، بحيث تسبب هذا الإغلاق في فقدان 7333 منصب شغل قار.
وفي الاتجاه نفسه، اقدمت 13 مؤسسة خلال سنة 2000 تنتمي إلى قطاع الأشغال العمومية والبناء وصناعة الحديد على التقليص من عدد أجرائها، وقد شمل هذا الطرد 250 عاملا.
وفي سنة 2001 لجأت 204 مؤسسة ذات نشاط تجاري أو صناعي إلى التخفيض من ساعات العمل، وذلك كإجراء وقائي للتقليص من التحملات الاجتماعية حفاظا على استمرارية نشاطها. وقد طال هذا الإجراء 6307 عاملا مقابل 88 مؤسسة في سنة 2000 التي لجأت إلى التدابير نفسها وشملت 4107 أجيرا.


04/01/2003

السبت، 4 يناير 2003

قرارات جديدة في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي


قرارات جديدة في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي
تخفيض تكلفة العلاج لفائدة الأجراء بنسبة 50 في المائة
وإمكانية التمتيع بالتقاعد المبكر في سن 55 سنة

قرر المجلس الإداري لص.و.ض.ج المنعقد يوم الإثنين المنصرم في الرباط تحويل مبلغ 25 مليار سنتيم المخصصة للمصحات إلى منفعة مباشرة للعمال، وذلك بإقرار تخفيض تكلقة العلاح لفائدة العمال المقيدين بالصندوق بنسبة 50 %، كما تم الاتفاق على تمكين المقاولة من إبرام اتفاقيات خاصة مع أجرائها تمكنهم من الحصول على التقاعد المبكر، وذلك في حدود بلوغ سن الـ 55 سنة، ولكل مؤسسة في هذا الاتفاق أن تراعي خصوصيتها بحيث تبقى العلاقة في الاتفاق مباشرة مع العامل الأجير.
ويذكر أنه تمت المصادقة على التعديلات الجديدة بقانون الضمان الاجتماعي والتي سيتم عرضها أمام البرلمان من أجل التصويت عليها. كما يجب التذكير بأن إجراء تخفيض تكلفة العلاج تخص أساسا نحو مليون مسجل في الصندوق ممن لا يتوفرون على التغطية الصحية، إضافة إلى ذوي الحقوق من عائلات وأرامل وأصحاب المعاشات. كما أن هذا القرار وعلى ما يبدو، يأتي في أفق دخول قانون التغطية الإجبارية إلى حين حيز التنفيذ.
وللتذكير فإن عدد المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي يصل إلى مليون و 400 ألف منخرطا، ما يعني أن هناك جهودا يجب أن يبذلها الصندوق تكون في صالح الأجراء سيما إذا علمنا أن معظم العمال غير مقيدين وبأن العديد من المؤسسات تتلاعب في التصريح بالأجور.

04/01/2003

واقع التعليم العالي والجامعات العربية


واقع التعليم العالي والجامعات العربية
تقوقع بين التخلف والتعليم السلطوي الذي يقتل الإبداع
مجموع ما نتفقه البلاد العربية على البحث العلمي
يقل عن 0.5 % من الناتج القومي

ندرج في هذا الخاص عن التعليم العالي، بعض الفقرات التي وردت ضمن بحث للدكتور على القاسمي المنشورة في السلسلة الأخيرة "المعرفة للجميع" تحت عنوان الجامعة والتنمية، وهي تعبر عن واقع التعليم العالي والجامعات في الأقطار العربية بصفة عامة.


متطلبات التنمية البشرية والمستدامة
لكي يتحقق هذا النوع من التنمية لابد من توفر المناخ السياسي والاجتماعي والثقافي الملائم، مناخ سياسي يقوم على مبدأ الحرية والمساواة، تحترم فيه حقوق الإنسان وتصان كرامته، ومناخ اجتماعي يسود فيه التعاون والتكامل بين مكونات المجتمع أفرادا ومؤسسات، ويعم فيه الأمن والطمأنينة، ما يتيح للإنسان تحقيق ذاته، وتحرير إمكاناته المبدعة، وإطلاق قدراته الخلاقة، ومناخ ثقافي تندثر فيه الأمية، وتشيع فيه المعرفة العلمية والتقنية، وتسود فيه قيمة العمل فيشارك الرجال والنساء معا في الإنتاج.


الوضع في الأقطار العربية
إذا نظرنا إلى الوضع في الأقطار العربية وجدنا أن التنمية –حتى بمفهومها الاقتصادي المحدود – بطيئة إذا ما قورنت بما هو عليه الحال في أقطار العالم الأخرى. فإحصاءات البنك العالمي تشير إلى أن معدل نمو دخل الفرد في الأقطار العربية خلال العقدين الأخيرين لم يتجاوز 0.5 % بالمقارنة مع الأقطار النامية حيث بلغ فيها 3.3 % وحتى في الأقطار الأقل نموا، كان معدل النمو 0.9 % في الفترة نفسها. وتشير هذه الإحصاءات كذلك إلى أن مؤشر الإنتاجية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الفترة من 1960 إلى 1990 قد انخفض بنسبة 0.2 %. فقد كان معدل الدخل الوطني الخام للعامل الواحد في البلاد العربية عام 1960 أعلى منه في هونغ كونغ وكوريا وتايوان. ومن ناحية أخرى، تشير تقديرات اليونسكو إلى أن عدد الأميين في الدول العربية بلغ عام 1999 حوالي 68 مليون شخص، أي ما يمثل 40 % من مجموع السكان الذي تتجاوز أعمارهم 15 عاما، وأكثر من نصف الأميين من الإناث.
وبعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريرا سنويا عن 173 دولة يرتبها من الأفضل (رقم 1) إلى الأسوأ (رقم 173) طبقا لمؤشرات التنمية البشرية الشاملة التي تعتمد معايير متوسط العمر، وانتشار المعرفة، ومستوى المعيشة، كما ذكرنا. ويشير التقرير إلى أن نسبة الحرمان في البلاد العربية تبلغ حوالي 32 في المائة مقاسة بمؤشر الفقر الإنساني، وأن مواطنا من كل خمسة مواطنين يقف على عتبة الفقر أي يعيش على أقل من دولارين في اليوم.
وتحتل الدول العربية رتبا متأخرة جدا في تقارير البرنامج. ففي تقريره لعام 2001، احتل المغرب مثلا، الرتبة 123 بعد أن كان يحتل الرتبة 112 عام 2000. واحتلت مصر الرتبة 115، وسوريا 108، والجزائر100، والأردن99، وتونس 97، وسلطنة عمان 78، ولبنان 75، والسعودية 71، وليبيا 64، وقطر 51، والإمارات العربية المتحدة 46، والكويت 45، والبحرين 43 (وهي أفضل الدول العربية في مضمار التنمية البشرية طبقا لهذا التقرير). ولاشك أن سياسات المؤسسات التمويلية والاقتصادية العالمية مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، التي تهيمن عليها الدول الكبرى، لا تراعي مصالح الأقطار الفقيرة بقدر ما تسعى إلى تحقيق الأرباح لتلك الدول الكبرى.


الجامعة مسؤولة عن التنمية
وقد يتساءل المرء قائلا: كيف يتسنى للجامعة أن تسهم في تحقيق التنمية البشرية الشاملة التي نتمناها ؟ ألسنا نطلب المستحيل منها ؟
من المتفق عليه أن التنمية الشاملة تتطلب تضافر جهود القطاع العام والقطاع الخاص والتعليم. ولكن المسؤولية الأساسية تقع أولا وبالذات على الجامعات، لأنها هي الأداة الأهم والأكثر فاعلية في العملية التنموية، فعليها يقع عبء تطوير أجهزة الدولة والقطاع الخاص والتعليم بشكل عام. وتوجيه نشاط هذه الأجهزة الوجهة الصحيحة التي تخدم أهداف التنمية البشرية الشاملة.
وتستعين الجامعة على بلوغ غاياتها بثلاثة أنواع من الأنشطة يكمل بعضها بعضا:
إعداد قيادات المجتمع، وإجراء البحوث العلمية، وخدمة محيطها الاجتماعي والاقتصادي. فالتعليم الجامعي يسعى إلى تخريج قيادات قادرة قادرة على إيجاد المناخ السياسي والاجتماعي والثقافي المطلوب لإنجاز العملية التنموية. ولذا لا يقتصر التعليم الجامعي على الإعداد الأساسي الذي يتلقاه الطلاب الجامعيون فقط، وإنما تتعهد الجامعة كذلك بتزويد قيادات الدولة والقطاع الخاص بالتدريب التكميلي والتدريب المستمر اللذين تفرضهما التحولات العالمية المتلاحقة والتطورات العلمية والتقنية المستمرة. فإضافة إلى المقررات الدراسية التي تدرسها الجامعة لطلابها، تضطلع بتنظيم دورات تدريبية قصيرة لقيادات القطاعات المختلفة في البلاد لتزيد من كفاءاتها، وترفع من قدراتها، وتجعلها أكثر فاعلية في الإسهام في العملية التنموية.
والجامعة هي المؤسسة المؤهلة لتزويد القيادات الوطنية في مختلف القطاعات بآخر التطورات في حقول المعرفة وتدريبها على أحداث التقنيات، بفضل توفرها على هيئة أكاديمية على صلة دائمة بمصادر المعرفة العالمية، وبفضل ما تجريه من بحوث علمية تستفيد من نتائجها وتطبيقاتها جميع المؤسسات الوطنية، وتضطلع مراكز البحوث العلمية الجامعية بإجراء نوعين من البحوث : بحوث أساسية نظرية تساعدنا على فهم ذواتنا، وطبيعة العلاقات بيننا، وإدراك سنن الطبيعة التي نعيش في كنفها، فتنمو المعرفة الإنسانية عموما، وبحوث تطبيقية تهدف إلى استثمار المعرفة العلمية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات لزيادة المردودية الاقتصادية خصوصا.
ولكي يكون للتعليم العالي والبحث العلمي فائدة عملية في المجتمع يتوجب على الجامعة أن تنفتح على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، بمعنى أن الجامعة تنشئ شراكة حقيقية مع مؤسسات القطاعين العام والخاص، بحيث تشترك هذه المؤسسات مع الجامعة في صياغة الأهداف المرحلية للمقررات الدراسية، وفي تحديد نوعية البحوث العلمية المطلوبة واستغلال نتائجها استغلالا عمليا، وفي تنظيم الدورات التدريبية القصيرة وتأطيرها. وبطبيعة الحال تستخدم تلك المؤسسات خرجي الجامعات وتستفيد من أساتذتها بصفة مستشارين. ولكي تتوثق الشراكة وتتسع قاعدتها فإن الجامعات تكثر من عقد المؤتمرات والندوات والموائد المستديرة التي تساهم فيها قيادات الدولة والقطاع الخاص لبلورة الأهداف ووضع الخطط وإجراء التقييم والتقويم لمختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وعندما يتأكد للقطاع الخاص أنه يستفيد من الجامعة في زيادة مردوديته الاقتصادية وأرباحه، فإنه يتحمس لدعم الجامعة ماديا وتمويل أبحاثها ومؤتمراتها ومشروعاتها الأخرى.


تخلف الجامعات العربية
وبإلقاء نظرة على أوضاع الجامعات العربية نجد أنها تبتعد كثيرا عن الصورة التي نقلناها عن جامعات البلاد المتقدمة ووظائفها، وأن التعليم العالي عموما يعاني مشكلات عويصة متعددة تعيقه عن أداء مهمته الأساسية المتمثلة في تنمية البلاد وترقيتها. وأهم هذه المشكلات ما يأتي:



1- محدودية التعليم العالي
إن التعليم العالي في الوطن العربي لا يزال تعليما للخاصة ولم يصبح بعد تعليما للعامة. فمعدلات الالتحاق بالتعليم العالي في الدول العربية منخفضة جدا إذا ما قورنت بمثيلاتها في الدول الأكثر نموا. فمعدل الالتحاق بالتعليم العالي عندنا عام 1997 لم يتجاوز نسبة 14.9 % في حين بلغ عندهم 61.1 %



2- تدني نوعية التعليم العالي
ومن أسباب تدني نوعية التعليم في بلادنا عدم التوسع في فتح الجامعات لاستيعاب أفواج الطلاب المتنامية ما يؤدي إلى اكتظاظ الأقسام والصفوف بسبب ضغط الطلب على التعليم العالي، الناتج عن تزايد أعداد السكان. فمعدل النمو السكاني في الدول العربية يتراوح بين 2.5 % و 3.5 % بالمقارنة مع المعدل العالمي الذي لا يتجاوز 1.5 % وهذا يعني أن عدد سكان الأمة العربية يتضاعف ثلاث مرات كل عشرين سنة، وأن 60 % من السكان تقل أعمارهم عن 25 % ولكثير منهم الرغبة في ولوج التعليم العالي.
أضف إلى ذلك أن معظم أساتذتنا الجامعيين لا يتوفرون على تأهيل في طرائق التدريس. ولم نسمع أن كلية من كليات التربية في طول البلاد العربية وعرضها أقامت دورة تدريبية على هذه الطرائق واستخدام التقنيات التربوية لفائدة أعضاء الهيئة التدريسية الجامعية.
ومن ناحية أخرى، لا توجد هناك علاقة رعاية أكاديمية بين الأستاذ والطالب، ولا يطلب منه تخصيص ساعات أسبوعية محددة يستقبل فيها الطلاب الذين يحتاجون مشورته أو مساعدته في فهم ما استعصى عليهم أو مناقشة أفكارهم وبلورتها.
أما طريقة التدريس المتبعة فهي على الأغلب إملاء محاضرات يحفظها الطلاب ويعيدون كتابتها على ورقة الامتحان آخر العام الدراسي. ولا تتوفر جامعاتنا، حتى الحكومية منها، على الموارد المالية والبشرية اللازمة، وتعوزها التجهيزات والمختبرات الضرورية، ويدلنا مؤشر كلفة الطالب السنوي على العوز المادي الذي تعانيه جامعاتنا، فمعدل الإنفاق السنوي على الطالب الواحد في البلاد العربية هو 340 دولار أما في الغرب فهو 6500 دولار.
في عام 1997 كانت هناك 175 جامعة في الوطن العربي، تأسست 108 جامعات منها في فترة الخمسة عشر عاما الممتدة من 1981 إلى 1996، والأغلبية الساحقة من هذه الجامعات الجديدة تفتقر إلى التجهيزات الضرورية، "وتكاد لا تستحق أن تسمى بالجامعات. وكثير منها أنشئ لأسباب سياسية ومعظم الجامعات الخاصة منها أنشئ لغاية الربح فقط"، كما ورد في تقرير اليونسكو.


3- ثقافة التعليم السلطوية
إن التعليم العالي عندنا امتداد كيفي للتعليم الابتدائي والثانوي في ثقافته وهياكله ومناهجه وأساليبه. فثقافة التعليم عندنا تقوم على سلطوية المعلم أو الأستاذ الذي يلقي ويلقن، وسلبية التلميذ الذي يتلقى ويدون. وهذه ثقافة لا تشجع الطالب على التساؤل والتفكير، ولا تمكنه من الإبداع والابتكار والاختراع.


4- تقوقع التعليم العالي
ليست الجامعات عندنا منفتحة على محيطها الاجتماعي والاقتصادي بل منغلقة حتى على نفسها، فكل قسم من أقسامها يواصل استخدام برامجه التقليدية دون الانفتاح على بقية الأقسام العلمية وتبادل المعرفة معها. وقد أمست الهوة سحيقة بين مضامين التعليم العالي وبين متطلبات سوق العمل، فمناهجه لا تواكب التطورات السريعة في ميدان العلوم والتقنيات ولا المتغيرات المتلاحقة في تقانة المعلومات والاتصال. وعملية تغيير المناهج في الجامعات أبطأ بكثير من التحولات المتلاحقة في سوق العمل. ولهذا فإن جامعاتنا متهمة بتخريج أفواج من العاطلين من أنصاف المتعلمين.


5- اختلال التوازن الموضوعي في التعليم العالي :
تتطلب التنمية الشاملة توفير عدد كاف من العلميين والتقنيين في البلاد لا تقل نسبتهم عن 2.5 % من السكان. ولكن الإحصائيات تدلنا على أن معظم البلاد العربية لا تتوفر إلا على نسبة 0.3 %، أي أن عدد العلماء والمهندسين في كل مليون نسمة لا يتجاوز ثلاثمائة فرد، في حين أن عددهم في المجتمعات الغربية يبلغ 3600 فرد في كل مليون نسمة.
وعندما نلقي نظرة فاحصة على أعداد الطلاب المسجلين في التخصصات المختلفة يتضح لنا السبب في عدم توفر العلميين والتقنيين في سوق العمل. فعلى الرغم من أن كليات العلوم والتقنيات تشكل أكثر من نصف الكليات في جامعتنا (51.5 %)، فإن عدد طلابها يقل عن ثلث مجموع الطلاب الملتحقين في الجامعات (31.9 %). وتؤكد هذه الإحصائيات إحصائية أخرى تشير إلى أن 52.3 % من حملة البكالوريوس سنة 1995/1996 في الوطن العربي هم من المتخصصين في الآداب والإنسانيات، في حين لا يوجد سوى 9.8 % من خريجي ذلك العام الدراسي من المتخصصين في الهندسة، و 9.6 % في العلوم، و7.4 % في العلوم الطبية، و3.0 % فقط في الزراعة.
ويمكن رد الأسباب في ذلك إلى سوء التخطيط، وزيادة الطلب على التعليم العالي، وعدم توفير الموارد المادية الكافية للتوسع في التخصصات العلمية والتقنية التي تتطلب تجهيزات ومختبرات عالية التكلفة، ما يضطر المسؤولين إلى التوسع في برامج الدراسات الإنسانية والاجتماعية، وهي برامج لا تستجيب لاحتياجات سوق العمل.


7- ضالة البحث العلمي في التعليم العالي :
يعد بعضهم البحث العلمي الوظيفة الأساسية للجامعة، ويدعو إلى عدم قيام الجامعات بتدريس معلومات معروفة مسبقا، وإنما يجب أن يقتصر التدريس فيها على المعارف الجديدة غير المتوفرة خارج أسوارها، خاصة تلك المعارف التي تكتشفها داخل مختبراتها هي. فالجامعة هي الوكر الذي يفرخ المعرفة. ولكن قصور الإنفاق على الجامعات العربية يضطرها إلى توجيه مواردها المالية المحدودة إلى تشغيل الإدارة، وصرف رواتب الأساتذة والموظفين، وتسيير المرافق والخدمات الضرورية، ولا يبقى إلى النزر اليسير للبحث العلمي والمكتبات.
إن مجموع ما تنفقه البلاد العربية على البحث العلمي يبقى هامشيا ويقل كثيرا في أحسن حالاته عن 0.5 % من الناتج القومي الإجمالي في حين يخصص بعض الدول المتقدمة أكثر من 6 % من ناتجها القومي الإجمالي لإجراء البحوث العلمية. أما الدراسات التي يعدها طلبة الدراسات العليا في جامعتنا ونسميها، تجاوزا، بحوثا، فهي في معظمها مجرد تمارين نظرية تبقى رهينة رفوف المكتبة ولا علاقة لها بما يجري في قطاعات الإنتاج من قريب أو بعيد.
إن مجموع ما أنفقته الأقطار العربية على البحث العلمي عام 1996 لم يتجاوز 782 مليون دولار أو 0.14 % من الناتج القومي الإجمالي. وتأتي الأقطار العربية في آخر قائمة الدول في الإنفاق على البحث العلمي، حتى بعد مجموعة الدول الإفريقية ما وراء الصحراء التي تعد مواردها فقيرة جدا إذا ما قورنت ب "غنىّ" الدول العربية.


8- انعدام تقييم نوعية التعليم العالي وجودته :
قد تخضع الجامعات في البلاد العربية لرقابة إدارية ومالية ولكنها لا تخضع حاليا لرقابة علمية. فليس هناك تقويم لبرامجها ومناهجها وأبحاثها وتجهيزاتها من قبل مؤسسة مستقلة، كما هو الحال في الغرب. فالجامعات هناك تتمتع باستقلالها الذاتي وحريتها الأكاديمية، ولكنها في الوقت ذاته تخضع لتقييم مستمر من قبل مؤسسات مستقلة متخصصة محلية ووطنية. وهذه المؤسسات تضطلع بتقييم الجامعات وتصنفها حسب مستواها العلمي في كل تخصص من تخصصاتها، وتنشر نتائج تقييمها بوسائل الإعلام المختلفة ليطلع عليها الطلاب ليتمكنوا من اختيار الجامعة المعترف بها التي تلائم تطلعاتهم.
لم يعد للطالب الحق في ولوج التعليم العالي فحسب، وإنما أصبح من حقه كذلك معرفة مستوى الجامعة التي يروم ولوجها.


9- تدريس العلوم بلغة أجنبية :
لا تستخدم مؤسسات التعليم العالي في الوطن العربي اللغة العربية في تدريس العلوم والتقنيات ولا في البحث العلمي، وإنما تستخدم بدلا منها لغة المستعمر القديم، الإنجليزية في دول المشرق العربي، والفرنسية في دول المغرب العربي.
وعلى الرغم من أن الدول العربية سعت بعد استقلالها إلى التخلص من التبعية الثقافية الاستعمارية عن طريق تعريب الإدارة والتجارة والتعليم فإنها توقفت عند تعريب العلوم الأساسية والتطبيقية في التعليم العالي وظلت هذه الموضوعات تدرس بلغة المستعمر القديم. وإذا كان هنالك في السابق بصيص أخذ يتلاشى في ظل العولمة الزاحفة، إذ تبنت الجامعات التي أنشئت في بلادنا مؤخرا استعمال الإنجليزية في جميع المواد حتى الإنسانيات والاجتماعيات.
وتدل جميع البحوث العلمية الرصينة على أن الطالب الذي يتلقى تعليم باللغة الأجنبية لا يستطيع أن يستوعب المعلومات بصورة جيدة، ويصعب عليه إدماجها في منظومته وبالتالي لا يتمكن من تمثلها والإبداع بها، إضافة إلى عدم قدرته على نقل معلوماته بسهولة على المستفيدين من معارفه وخدماته.



ما العمل ؟
إن توفير الظروف الملائمة لتحقيق التنمية البشرية الشاملة يتطلب العمل في جهتين رئيسيتين: الجبهة الاجتماعية الاقتصادية والجبهة التربوية التعليمية.
في الجبهة الأولى: ينبغي قبل كل شيء التزام الجميع باحترام حقوق الإنسان بوصفه حجر الأساس في بناء حكم عادل قادر على تحقيق التنمية البشرية الشاملة. ويقتضي احترام حقوق الإنسان عدم المساس بالحريات العامة، والمساواة بين المواطنين ذكورا وإناثا لإطلاق طاقاتهم الخلاقة المبدعة، وإتاحة الفرصة للمرأة العربية للمشاركة في البناء إلى جانب صديقها الرجل. ويتطلب ذلك كذلك توفير الرص المتساوية أمام المواطنين للمبادرات الفردية وتحرير القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه إصلاح القطاع العام وتخليصه من الفساد والبيروقراطية والرشوة والمحسوبية، ودعمه بنظام قضائي مستقل نزيه شفاف يتصف بالكفاءة وسرعة الأداء، لتحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي. وتتطلب التنمية البشرية الشاملة تمتين التعاون الاقتصادي العربي بإيجاد سوق عربية مشتركة، لأن الأسواق العربية منفردة صغيرة لا توفر قاعدة لنمو اقتصادي حيوي متنوع ومستدام. وأخيرا ينبغي الاستفادة من محاسن العولمة وتوقي مخاطرها.
وفي الجبهة التربوية التعليمية، يجب علينا أن ندرك أن أية إستراتيجية ترمي إلى تحسين نوعية التعليم وجودته، لابد أن تأخذ في النظر جميع العناصر : ماذا نعلم ؟ وكيف نعلم ؟ وما مردودية ما نعلم ؟ وأية ثقافة تعليمة نعتمد ؟ وينبغي أن لا ننظر إلى التعليم العالي بوصفه قطاعا معزولا، وإنما بوصفه نظاما فرعيا في نظام أكبر هو المجتمع الذي نعيش فيه والعالم الذي يحيط بنا.
إن القطاعين العام والخاص مدعوان لدعم الجامعة ماديا ومعنويا وتوفير التمويل اللازم لبرامجها وللبحث العليم الذي تضطلع به، وتمكينها من استقلالها الإداري وحريتها الأكاديمية. وفي مقابل ذلك يتوجب على الجامعة أن تعيد النظر في أهدافها بحيث تضع خدمة المجتمع في مقدمة أهدافها، وتعيد النظر في إدارتها بحيث تختار قياداتها وفقا لمعايير مضبوطة وتغير من هيكلتها ومناهجها وأساليبها في ضوء التطورات العلمية والتقنية، وأن تسعى إلى شراكة حقيقية مع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين خارج حرمها الجامعي لخدمتهم، والاستجابة إلى احتياجاتهم، وترقية مستواهم الثقافي والمهني وزيادة مردوديتهم الاقتصادية، عن طريق البحث العلمي والتدريب المستمر والترجمة والتأليف، وأن تعمل على نشر المعرفة العلمية والتقنية وإشاعتها بين شرائح الشعب المتنوعة باللغة الوطنية التي تفهمها الأغلبية الساحقة. وهكذا تستطيع الجامعة أن تقود عملية التنمية البشرية الشاملة في البلاد.



الجمعة، 3 يناير 2003

التعليم العالي في المغرب


التعليم العالي في المغرب
حديث عن الإصلاح ونتائج تكرس الإخفاق


تنصص ديباجة الإعلان العالمي للتعليم العالي للقرن الحادي والعشرين على أن الصعوبات والتحديات الكبرى التي سيواجهها التعليم العالي في القرن المقبل، تتمثل أساسا في توفير التمويل اللازم، وتحقيق عدالة الفرص التعليمية، وتطوير كفاءة الهيئة التدريسية وتنمية البحث العلمي، وتحقيق استجابة البرامج الدراسية لحاجات المجتمع الفعلية، وتمكين الخرجين من الحصول على عمل، وإقامة تعاون دولي فعال، واستثمار تقنيات الاتصال في إنتاج المعرفة وإدارتها ونشرها والوصول إليها والتحكم فيها.
والمغرب ليس بمعزل عن العالم، إذ أن التعليم بصفة عامة، صار قاب قوسين أو أدنى من التخلف ومن الانحطاط، وذلك بفعل تراكم مجموعة من العوامل التي أدت به إلى هذا المستوى ما صار يستدعي إصلاحا جذريا يأخذ بعين الاعتبار ذلك الارتباط العضوي بين جميع أسلاك التعليم (ابتدائي، ثانوي، جامعي)، وإصلاحا شموليا بدء من الإصلاح البيداغوجي، ومرورا بالاهتمام بالبحث العلمي، وصولا إلى إصلاح هياكل التعليم العالي.
ويتطلب هذا بالدرجة الأولى إرادة سياسية تضع أولوية أولوياتها، النهوض بالتعليم وتجاوز الحسابات السياسية الضيقة خدمة للصالح العام، وتحقيق استقلالية فعلية للجامعة من أجل خلق فضاء حر ومستقل للتفكير والإبداع، ثم العمل على إصلاح النظام البيداغوجي، وذلك بتوفير جميع الشروط الملائمة من أدوات وطرق بيداغوجية وتكوينية تساعد المتلقي مواكبة التطور، وبالتالي المساهمة في الدورة التنموية للبلاد.. الأمر الذي لن يتأتى إلى بتحديد الحاجيات والغايات من العملية التعليمية والتربوية أولا، ثم برسم أهداف واضحة وتحديد برامج ملائمة، دون إغفال لدور البحث العلمي وضرورة الاهتمام به لأنه هو قاطرة النمو، وهذا كله لن يتأتى إلا بالاستثمار في الجامعة وفي الموارد البشرية الجامعية أي كل مكونات الجامعة، وبالانفتاح على المحيط السوسيو اقتصادي للجامعة، أو ما اصطلح على تسميته بانفتاح الجامعة على محيطها التنموي.
ضمن هذا الخاص عن التعليم العالي في المغرب، نورد تغطية ليوم دراسي نظمه الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي في الدار البيضاء يوم السبت 28 دجنبر الماضي، حول موضوع "من أجل تعليم عال في مستوى طموحات الشعب المغربي"، وحوارا مع ذ. إدريس قصوري بوصفه مهتما بالمجال التعليمي، ومقالين لكل من الدكتور رمضاني حول موضوع إنقاذ الجامعة المغربية، أي أسلوب لأي واقع ؟ والباحث محمد باسك حول موضوع أي استقلال للجامعية في ظل القانون الجديد للتعليم العالي، إضافة إلى بعض المقتطفات من دراسة للدكتور على القاسمي وردت ضمن سلسلة "المعرفة للجميع" في عدد دجنبر 2002. هذا على أمل أن يكون لنا حوار مع السيد وزير التعليم لتوضيح وجهة النظر الرسمية من مسألة التعليم العالي والبحث العلمي في المغرب.


حسن اليوسفي
03 يناير 2003