التعليم العالي في المغرب
حديث عن الإصلاح ونتائج تكرس الإخفاق
تنصص ديباجة الإعلان العالمي للتعليم العالي للقرن الحادي والعشرين على أن الصعوبات والتحديات الكبرى التي سيواجهها التعليم العالي في القرن المقبل، تتمثل أساسا في توفير التمويل اللازم، وتحقيق عدالة الفرص التعليمية، وتطوير كفاءة الهيئة التدريسية وتنمية البحث العلمي، وتحقيق استجابة البرامج الدراسية لحاجات المجتمع الفعلية، وتمكين الخرجين من الحصول على عمل، وإقامة تعاون دولي فعال، واستثمار تقنيات الاتصال في إنتاج المعرفة وإدارتها ونشرها والوصول إليها والتحكم فيها.
والمغرب ليس بمعزل عن العالم، إذ أن التعليم بصفة عامة، صار قاب قوسين أو أدنى من التخلف ومن الانحطاط، وذلك بفعل تراكم مجموعة من العوامل التي أدت به إلى هذا المستوى ما صار يستدعي إصلاحا جذريا يأخذ بعين الاعتبار ذلك الارتباط العضوي بين جميع أسلاك التعليم (ابتدائي، ثانوي، جامعي)، وإصلاحا شموليا بدء من الإصلاح البيداغوجي، ومرورا بالاهتمام بالبحث العلمي، وصولا إلى إصلاح هياكل التعليم العالي.
ويتطلب هذا بالدرجة الأولى إرادة سياسية تضع أولوية أولوياتها، النهوض بالتعليم وتجاوز الحسابات السياسية الضيقة خدمة للصالح العام، وتحقيق استقلالية فعلية للجامعة من أجل خلق فضاء حر ومستقل للتفكير والإبداع، ثم العمل على إصلاح النظام البيداغوجي، وذلك بتوفير جميع الشروط الملائمة من أدوات وطرق بيداغوجية وتكوينية تساعد المتلقي مواكبة التطور، وبالتالي المساهمة في الدورة التنموية للبلاد.. الأمر الذي لن يتأتى إلى بتحديد الحاجيات والغايات من العملية التعليمية والتربوية أولا، ثم برسم أهداف واضحة وتحديد برامج ملائمة، دون إغفال لدور البحث العلمي وضرورة الاهتمام به لأنه هو قاطرة النمو، وهذا كله لن يتأتى إلا بالاستثمار في الجامعة وفي الموارد البشرية الجامعية أي كل مكونات الجامعة، وبالانفتاح على المحيط السوسيو اقتصادي للجامعة، أو ما اصطلح على تسميته بانفتاح الجامعة على محيطها التنموي.
ضمن هذا الخاص عن التعليم العالي في المغرب، نورد تغطية ليوم دراسي نظمه الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي في الدار البيضاء يوم السبت 28 دجنبر الماضي، حول موضوع "من أجل تعليم عال في مستوى طموحات الشعب المغربي"، وحوارا مع ذ. إدريس قصوري بوصفه مهتما بالمجال التعليمي، ومقالين لكل من الدكتور رمضاني حول موضوع إنقاذ الجامعة المغربية، أي أسلوب لأي واقع ؟ والباحث محمد باسك حول موضوع أي استقلال للجامعية في ظل القانون الجديد للتعليم العالي، إضافة إلى بعض المقتطفات من دراسة للدكتور على القاسمي وردت ضمن سلسلة "المعرفة للجميع" في عدد دجنبر 2002. هذا على أمل أن يكون لنا حوار مع السيد وزير التعليم لتوضيح وجهة النظر الرسمية من مسألة التعليم العالي والبحث العلمي في المغرب.
حسن اليوسفي
03 يناير 2003
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق