كلمة الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية في حفل توقيع الاتفاقية الجماعية 14-12-2005
أعتقد أن ما نقوم به اليوم، بالرغم من محدوديته وتواضعه، يعتبر خطوة إيجابية في تنظيم العلاقات بين الصحافيين ومقاولات الصحافة المكتوبة، حيث نعمل الآن على خلق إطار ملائم
للتفاوض الجماعي ولإقامة نظام جديد يعتمد على مقاييس متفق عليها وعلى رؤية واضحة لمستقبل الصحافي داخل المؤسسة التي يشتغل فيها .ومن الواضح أن الاتفاقية التي نوقع عليها اليوم ليست إلا إطارا انتقاليا يسمح لنا بالتقدم نحو مجال أكثر التزاما من طرف المقاولات، عبر وضع شبكة للأجور على غرار ما هو معمول به في كل الاتفاقيات الجماعية على المستوى الوطني والدولي.غير أنه، وقبل أن نقدم رأي النقابة فيما توصلنا إليه ن نود أن ندلي ببعض الملاحظات.الملاحظة الأولى وتتعلق بالتأخر الذي عرفه التوقيع على الاتفاقية الجماعية. فقد طرح هذا الموضوع في المفاوضات بين نقابتنا والناشرين، عند ما كانوا أعضاء في هذه النقابة وبعد أن انفصلوا عنها، واستمر الحوار، إلى أن تمكنا من تجاوز هذه الصيرورة الطويلة، خاصة عند ما تم وضع مخطط عقد البرنامج، لتدخل المفاوضات في مرحلة أكثر جدية.الملاحظة الثانية وتهم مبدأ أساسيا اعتمد عليه عقد البرنامج، وكنا نطرحه باستمرار في النقابة. ومضمونه أنه لا يمكن تصور أي تأهيل للمقاولة الصحافية بدون إعادة النظر في العلاقات التي تربطها بالموارد البشرية.فالتحديث والعصرنة لا يهم فقط الترشيد المالي وعقلنة التدبير وتطوير وسائل وآليات الإنتاج التكنولوجية، بل إنه يعتمد أساسا على الاستفادة القصوى من الطاقات البشرية ومن إبداعاتها وعطاءاتها.الملاحظة الثالثة وتهم العلاقات بين النقابة والفيدرالية ، وهنا ،فإننا نسجل الأهمية القصوى لروح الحوار التي ينبغي أن تسود بين الطرفين، من منطلق موضوعي يعتبر أن تطور المقاولة ونموها وازدهارها مهمة تقع على عاتق إدارات المؤسسات وعلى الصحافيين وكل فئات العاملين. لقد كنا ومازلنا في النقابة نؤمن بهذا المبدأ ونسعى إلى تكريسه في مقترحاتنا ومطالبنا، بل إن جوهر ما نطالب به هو تطوير المقاولات وتأهيلها وإشراك الصحافيين في هذا المجهود واعتبارهم طرفا أساسيا فيه.بعد تقديم هذه الملاحظات الأولية، لا بد أن هناك تساؤلا كبيرا مطروحا في أوساط الصحافيين عن مضمون هذه الاتفاقية ورهانات المستقبل.إن المفاوضات التي جرت، والتي لعبت وزارة الاتصال، دورا مهما، وصلت إلى طريق صعب، وعملت مختلف الأطراف على تجاوز العقبات التي كان من الممكن أن تعرقل التقدم.لذلك كان من اللازم البحث عن حلول ملائمة لتقديم أجوبة ملموسة على التعقيدات التي واجهناها جميعا والخروج من منطق الأزمة إلى منطق البحث عن التفاهم.وهذا ما حصل بالفعل، حيث أن البحث عن التفاهم هو الذي ساد بين الطرفين، النقابة والفيدرالية، وأفرز اتفاقية انتقالية، تكون بمثابة أرضية انطلاق وتتيح الشروع في تنفيذ عقد البرنامج.فنحن الآن أمام اتفاقية جماعية- إطار، مؤقتة من اللازم مراجعتها في سنة 2006، كما تنص بنودها على ذلك، غير أن هذا لا يمنع من مباشرة أمرين اثنين، بمجرد التوقيع عليها.الأول ويتعلق بمعالجة الإختلالات الخطيرة التي تعرفها أنظمة الأجور في بعض المؤسسات، حيث نجد حالات لصحافيين اشتغلوا سنوات طويلة وما زالت أجورهم الأساسية هزيلة، البعض منهم على أبواب التقاعد.الثاني ويتعلق بالمتأخرات في تسديد واجبات الصناديق الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب علاجا مستعجلا لحل هذه المعضلة.ونعتبر في النقابة أن هذين الملفين ينبغي أن تتم معالجتهما بنوع من الاستعجال إنصافا لفئة من الصحافيين، خاصة وأن مراجعة وتصحيح أجورهم الأساسية لا يكلف المؤسسات عبئا ماليا كبيرا.ولا أخفيكم، أيتها السيدات والسادة، أن هذا الموضوع أخد منا نقاشا طويلا في الاجتماعات التي نظمناها في فرع البيضاء وفرع الرباط، كما أخد منا نقاشا وحوارا جديا مع شركائنا في الفيدرالية والوزارة وأخذنا التزامات مفادها أنه من الضروري وضع ميكاميزمات الحوار للتوصل إلى حلول لهذه المشاكل في اقرب الآجال.هذه قضايا مهمة جدا تضعها النقابة في سلم أولوياتها وتنوي الدخول في مفاوضات جزئية وقريبة بشأنها، لأننا أمام أوضاع تراكمت في بعض المؤسسات وأنتجت اختلالات من الواجب تصحيحها.ونأمل من بعض المسؤولين على مقاولات صحافية التعامل مع هذه المعطيات بإيجابية وبروح متفتحة خدمة لأهدافنا المشتركة التي اتفقنا عليها كأرضية لهذا الحوار المتواصل.إن الصحافيين ينتظرون من المسلسل الذي أطلقه عقد البرنامج أن ينعكس بشكل واضح على أوضاعهم المادية والمهنية، إذ لا يعقل أن تبدل الدولة مجهودا لا يستهان به لدعم المقاولات الصحافية، بدون أن يتم إنصاف الصحافيين، الذين يعتبرون العمود الفقري لكل منتوج إعلامي.وفي هذا الإطار، فإننا في النقابة نسجل بكل ارتياح الالتزامات المتعلقة بإنشاء صندوق اجتماعي ونعتبر أن الشروع في إنجاز هذا المشروع من شأنه المساهمة في إنصاف هذه الفئة من المأجورين، التي ينظر إليها المجتمع بتقدير نظرا للدور الهام الذي تلعبه في عملية الإخبار والتواصل وتجسيد التعددية وحرية التعبير على أرض الواقع.في ختام هذه الكلمة أريد التأكيد أن توقيعنا اليوم على هذه الاتفاقية ليس إلا بداية مسلسل جديد، مختلف نوعيا عن الماضي، لكنه يطرح إشكاليات جديدة تتعلق بكيفية تنفيذ بنود الاتفاق ومواصلة التفاوض حول المراحل المقبلة، التي نعتبرها حاسمة لوضع قطار التحديث والعصرنة داخل المقاولة الصحافية في السكة الصحيحة.أملنا أن يتواصل الحوار وأن يحترم كل طرف التزاماته لأننا أمام تحدي لا يستهان به، وهو تحقيق نجاح الصحافة المكتوبة في خضم تنافسية تكنولوجية خطيرة وسوق متواضعة وتقاليد وأعراف ينبغي أن نتجاوزها جميعا للارتقاء بمنتوجنا وصحافتنا تجاوبا ما يطلبه منا مجتمعنا وما تفرضه علينا مبادئ وأخلاق مهنتنا.والسلام عليكم
12/14/2005
12/14/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق