الجمعة، 9 أغسطس 2002

هل من الطبيعي أن يظل التعامل الحكومي مع الجالية تعاملا مرتجلا ؟

فتح الله الكرناوي، عضو الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث حول الهجرة

الفقرة المخصصة داخل التصريح الحكومي الأخير للجالية المغربية بالخارج، تضمنت من وجهة نظري أربعة عناصر من المفيد مناقشتها ولو بعجالة بقصد تبيان ما ينبغي أن تكون عليه في المستقبل السياسة الحكومية في مجال الهجرة.
العنصر الأول ذو طابع معنوي، إنه التذكير بارتباط الجالية المغربية بالخارج بوطنها وبرزم سيادته، وحفاظها على مقومات هويتها الدينية والثقافية والأخلاقية في بلاد المهجر.
بخصوص هذا العنصر، أكاد أقول بأنه معطى طبيعي لابد فيه للعمل الحكومي، فتمسك المغاربة المقيمين بالخارج بوطنيتهم، واحترامهم للمؤسسة الملكية، وحفاظهم على خصوصصية هويتيهم وهوية أبنائهم من الذوبان داخل الثقافة السائدة ببلاد المهجر، إنها هي أدلة على أن ثوابت الأمة المغربية موحدة وأن الجالية المغربية بالخارج ما هي إلا امتداد حيوي ما وراء الحدود للمغاربة داخل الوطن.
العنصر الثاني يصعب في نظري احتسابه في خانة إيجابيات حصيلة العمل الحكومي لأنه لا يتعدى التعبير عن إرادة توصف بالجادة في توفير ظروف مثلى لمساهمة فاعلة للجالية في التنمية الوطنية هذه النية التي يترجمها التصريح الحكومي بعبارات تبدو قوية لم ترق في الواقع إلى مستوى المشروع العملي الهادف إلى إشراك حقيقي للجالية وللخبرات البشرية التي تعج بها في الورشات الوطنية.
لأجله، فإن استشهاد السيد الوزير الأول بلجنتين وزارتين مختصين بإشكالية الهجرة وبالاستقبال، وفي تصوري، دليلا كافيا لكون مسألة العبور تطرح فقط بصفة وقتية ولا تستدعي أكثر من حلول تقنية وهي لا تترجم بحال من الأحوال فعلا سياسيا في الوقت الذي تحتاج فيه ملفات الهجرة لإرادة سياسية. العنصر الثالث اعتبره بمثابة إقرار من قبل السيد الوزير الأول بضعف ما حققته الحكومة للجالية المغربية بدليل أنه يصف أن ما يتعين القيام به لفائدتنا – الجالية – مازالت كثير، واقرأ في ها العنصر الثالث كذلك اعترافا حكوميا حول غياب إستراتيجية واضحة في مجال الهجرة، بيد أنه في اعتقادي ليس قدرا محتوما أن يظل التعامل الحكومي مع ما يناهز المليونين ونصف مليون مغربي مهاجر تعاملا مرتجلا يفتقد الرؤية والمنهج والنتائج، ويتوقف عند تيسير العبور والاستقبال.
لقد أن الأوان لك ينتقل المفهوم الجديد للسلطة إلى ما وراء الحدود الترابية المغربية لكي ينطبق على الجالية المغربية أيا كانت إقامتها، خاصة ولكل مجمع على أهمية وحيوية وثقل مساهمتها المالية.
إن المدخل الوحيد لإشراك الجالية المغربية في رهانات التنمية الشاملة بالمغرب وهو مدخل سياسي، وسيتحقق بمجرد إنهاء حالة الإقصاء السياسي التي فرضت من دون ميرو، بل وخرقا للدستور، على الجالية التي يغيب صوتها في قرارات حاسمة تمول جزئيا على الأقل بتحويلاتها المالية.
09-08-2002

ليست هناك تعليقات: