قدم الوزير عبد الرحمن اليوسفي بعد زوال يوم الخميس فاتح غشت الجاري أمام مجلس النواب في جلسة عمومية، تصريحا يحمل توقيع حكومة التناوب، شكل حصيلة الإنجازات التي استعرضها اليوسفي من خلال تقرير مطول استغرق زهار الثلاث ساعات، جاب خلالها مختلف القطاعات الحكومية، بحيث اعتبر التصريح بمثابة ورقة قطاعية لكل وزارة على حدة نقدم في هذه الورقة ملخصا مربكا لأهم المحاور الرئيسية التي تحدث عنها التصريح "الحصيلة"، مع تصريح لكل من الدكتور الكرناوي عضو الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث حول الهجرة، وذ يونس مجاهد الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية.
إن أولى الأولويات بالنسبة للحكومة كما جاء في التصريح هي قضية الوحدة الترابية التي هي موضوع إجماع وطني شامل، فقد أشار الوزير الأول إلى أن الحكومة "ستواصل الجهود من أجل استرجاع كافة المناطق وإنهاء احتلال مدينتي سبتة ومليلية والجزر المجاورة المغتصبة، مؤكدا على أن ذلك سيكون في إطار الاعتماد على الشرعية الدولية. وفي السياق نفسه ومن أجل ترسيخ الوحدة الترابية، عبرت الحكومة عن استعدادها للتعاون مع المنتظم الدولي لأجل إيجاد الحل السياسي المناسب لملف الصحراء المغربية مشددة على معارضة أي تقسيم محتمل لأقاليمنا الجنوبية. كما سجل اليوسفي باعتزاز النتائج الطيبة التي استطاعت الحكومة تحقيقها بواسطة العمل الديبلوماسي الجاد والهادف، الأمر الذي يرى من خلاله أنه أفشل طروحات الانفصاليين.
وإجمالا يمكن اعتبار العمل الديبلوماسي حسب الحصيلة الحكومية أنه تميز بالتنويع نحو مناطق وجهات جديدة عبر العالم، إلى إنعاش وتدعيم الديبلوماسية الاقتصادية، وذلك عن طريق إشراك الفاعلين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص، دون إغفال رد الحكومة لتمتين العلاقات مع دول العالمين العربي والإسلامي، وكذا مع دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية، ومع معظم المنظمات الجهوية والدولية.
ولأجل أن تستوفي الحصيلة شروط الموضوعية والاستقامة الفكرية رأت الحكومة في تناولها للتجربة الحالية، ضرورة التذكير بالواقع الموروث وكذا ما أسمته الحكومة بـ "الظروف والإكراهات التي واجهتها منذ الوهلة الأولى لتحملها المسؤولية. ومن ذلك أن المغرب كان على عتبة أزمة اجتماعية شاملة، ومن الناحية الاقتصادية حيث كان الوضع الاقتصادي العام يتسم حسب حكومة التناوب بالهشاسة وبالعجز وبسوء التدبير (...) مما استدعى تحقيق قفزة وطنية نوعية تمثلت في الميثاق من أجل التغيير الذي اعتمد أساسا على العنصر البشري تربية وتكوينا. كما أكد اليوسفي في تصريحه على أن الحكومة عملت على رد الاعتبار للمخطط وعلى استكشاف نظرة جديدة لتهيئة المجال الوطني، واعتماد الشراكة وتنمية الفكر المساهماتي والمسؤولية والثقة. وقد حصر اليوسفي برنامج التغيير في أولويات خمس نوردها كما جاءت في التصريح.
تقويم دولة الحق والقانون بتوسيع مجال الحريات وإعادة الاعتبار للعمل المؤسسي وتخليق تدبير الشأن العام.
القيام بإدماج شامل لنظام التربية والتكوين، وإدماج بلادنا ضمن مجتمع الإعلام والمعرفة للقرن الحادي والعشرين.
توفير ظروف نمو اقتصادي مرتفع ومستديم ومحدث لفرص الشغل.
تمتين التماسك الاجتماعي من خلال توطيد فضيلة التضامن طبقا لتعاليم دننيا الإسلامي الحنيف.
تحقيق تنمية مندمجة للعالم القروي وفق استراتيجية تتوخى التوازنات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية.
وفي المجال السياسي كشف اليوسفي على أن الحكومة عملت منذ تحملها للمسؤولية على فتح ورش سياسي جديد مطبوع بالديمقراطية من خلال إيمان الحكومة بأنه لا يمكن إنجاح أي مشروع تنموي اقتصادي واجتماعي دون تحقيق تأهيل سياسي يعيد للإنسان كرامته.. الأمر الذي استدعى الانخراط في إعادة الاعتبار للحقوق الفردية الأساسية الخاصة بحقوق الإنسان بحيث تم رد الاعتبار الضحايا الماضي وتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي وبهذا الخصوص أكد اليوسفي أن الدولة قامت بتخصيص أكثر من 890 مليون درهم كتعويض مكن من تسوية وضعية أكثر من 1200 شخص من الضحايا.
ومن جهة أخرى أكد اليوسفي أن الرهانات الرئيسية لمرحلة الانتقال الديمقراطي تتمثل في ضمان الحريات الجماعية وترسيخ التعددية وحرية التعبير، هذا في الوقت ذاته الذي ترى فيه الحكومة أنها قد عززت الضمانات القضائية بحرية الضمانة، وعلمت على استكمال البناء المؤسسي وتخليق تدبير الشأن العام مع إدراكها بأنه لا سبيل لتوفير حياة سياسية سليمة ومتبعة دون قيام مؤسسات ديمقراطية مستكملة لمقوماتها، ومستوفية لشروط المصداقية والفعالية. وقد اعتمدت الحكومة في ذلك على وضع الحقل السياسي في مأمن مما لحقه في الماضي في انحرافات وخروقات سافرة، وفي رد المصداقية لتدبير الشأن العام ومصالحة المواطن مع مؤسساته.
وفي خضم الإصلاحات جاء التقرير الحصيلة ليؤكد عمل الحكومة على الارتقاء بقضايا المرأة التي شكلت بدورها إحدى أولويات عمل حكومة التناوب بحيث أصبحت تلك القضايا بمثابة ورش وطني قائم بذاته إذ سجل اليوسفي التقدم الحاصل في مسألة الاعتناء بقضايا المرأة عموما، الأمر الذي تجسد في العمل على إدماجها في مسلسل التنمية، اقتصاديا واجتماعيا. هذا مع التأكيد على أن مسألة مراجعة مدونة الأحوال الشخصية قد أدت إلى تشكيل لجنة مختصة لذلك من أجل اقتراح مشروع مدونة جديدة.
وفي إطار الحديث عن إصلاح منظومة التربية والتكوين التي اعتبرتها الحصيلة "فاتحة التقدم والنمو والاستقرار الاجتماعي والتكافؤ الحضاري، فقد أكد اليوسفي على أن الحكومة هيآت ترسانة من القوانين والأنظمة المؤطرة لهذا القطاع، معتمدة – أي الحكومة – في ذلك على ثلاثة محاور رئيسية، إلزامية التعليم وتعميمه، ضمان جودة التعليم وملاءمة التعليم مع عالم الشغل. وفي هذا الإطار قدم الوزير الأول بلغة الأرقام مجموعة إحصاءات خاصة بالمحاور الثلاث المذكورة.
أما الحديث عن الشق الاقتصادي فقد استأثر بجانب مهم من حصيلة عمل حكومة التناوب، بحيث شكل المجال الاقتصادي بدوره أحد الأولويات المهمة لعمل الحكومة، وقد أعلنت هذه الأخيرة من خلال تقريرها أن أغلبية المؤشرات الاقتصادية والمالية التي تعتبر عن حالة أي اقتصاد، قد عرفت تحسنا واضحا خلال فترة حكومة التناوب رغم جميع الإكراهات الوطنية والدولية بحيث حقق الاقتصاد المغربي نسبة 3.4% كمعدل سنوي للناتج الداخلي الخام، فيما كان من قبل 2.6%. إضافة إلى التحكم في التضخم وحصره في مستوى أقل من 1.5% كمعدل سنوي وتقليص المديونية العمومية الإجمالية، وتحسين وضعية المالية الخارجية، وتحسين مستوى الاستثمار الوطني والخارجي بالعمل على استحداث مراكز جهوية للاستثمار التي ستشرع في عملها قبل متم هذه السنة. هذا إضافة إلى أن الحكومة – حسب الحصيلة -، عملت في الإسراع بوثيرة عصرنة الإطار القانوني لمحيط المقاولة والأعمال، وعلى دعم التأهيل وتقوية آليات التمويل من أجل دعم برامج استثمار المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتقوية البينات التحتية التكنولوجية، هذا إلى جانب مواصلة مسلسل الخوصصة، والاهتمام بالقطاع السياحي وبقطاع المواصلات وتكنولوجيا الإعلام، والصيد البحري والصناعة التقليدية، والإسكان والإنعاش العقاري،... كلها مجموعة إصلاحات وتدابير أتى بها التقرير مؤكدا النهج الاقتصادي الذي نهجته حكومة التناوب من أجل الارتقاء بالاقتصاد الوطني إلى درجة متميزة..
ومن أجل إرساء أسس مجتمع متضامن، قال اليوسفي بأن الحكومة اعتمدت استراتيجية شاملة ومندمجة للتنمية الاجتماعية، بحيث سنت لأجل ذلك سياسة إرادية لتشغيل الشباب، واعتماد سياسة اجتماعية تضامنية. الأمر الذي لدى حسب تصريح الوزير الأول، إلى انخفاض معدل البطالة الإجمالي إلى 125 سنة 2001 بعدما بعدما كان 13.9 خلال سنة 1999... هذا وقد أكد اليوسفي على ضرورة العمل على قيام سلم اجتماعي، ولذلك فق دعملت حكومة التناوب على تنفيذ ما التزمت به الدولة خلال جميع الاتفاقات التي جاءت بها نتائج الحوار الاجتماعي، سواء ما تعلق منها بتسوية ملفات المطودين والموقوفين، أو ترقية الموظفين والأعوان، وإحداث مناصب جديدة للشغل، وكذك مراجعة النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، واتخاذ إجراءات وإعفاءات جبائية لصالح الفئات المستضعفة. وبعد المرور على مجموعة قطاعات حكومية أخرى، (الجالية المغربية المقيمة في الخارج، الشأن الثقافي، السكن، القطاع الفلاحي، ومجال المياه والغابات والطرق...) أكد اليوسفي على أن تقديم الحصيلة، لا ينبغي النظر إليه كتعبير عن المرضى والارتياح الذاتيين، إلا أنه لا ينبغي مقابل ذلك الاستهانة بعد أنجزته حكومة التناوب خلال سنوات عملها، هذا ما أكد عليه الوزير الأول الذي شدد على اقتناعه بأن هناك الكثير مما ينبغي القيام به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق