الخميس، 23 مايو 2002

موضوع الأمازيغية في المغرب مجرد خطابات ليس إلا "مطالب الأمازيغيين تتمثل في كل شيء

أحمد الدغرني أحد مؤسسي لجنة البيان الأمازيغي

في هذا الحوار يؤكد أحمد الدغرني, أحد مؤسسي لجنة البيان الأمازيغي واحد الفاعلين في المجال الجمعوي المهتم بالثقافة الأمازيغية, على أن أمازيغيي المغرب معزولين عن باقي مكونات المجتمع المغربي, وبأن مطالبهم تتمثل في الحصول على جميع الحقوق لأنهم لا يتوفرون على أي شيء, وبخصوص مسألة دسترة اللغة الأمازيغية يرى أنه لا يوجد أي مشروع حقيقي من أجل الأمازيغيين وبأن الأحزاب الحالية هي بصدد الكذب على الجماهير, وبأن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لازال مجرد ظهير, هنا نتعرف على رأي أحد المعارضين الأمازيغيين المعروف لدى رفاقه ب"المشاكس" حول مجموعة قضاياتهم الأمازيغية.
أجرى الحوار : حسن اليوسفي

· إذا أردنا الحديث عن الأمازيغية وعن "الوطن الأمازيغي الكبير" ماذا عسى ذ. الدغرني أن يقول ؟
- فيما يخص أمازيغن المغرب, هم فعلا قدموا من بلاد معروفة تاريخيا بأنها بلاد, الأمازيغ. وهذا الواقع الذي نسميه بالوطن الأمازيغي موجود ومعروف في كل فترات التاريخ منذ آلاف السنين, وجغرافيا أيضا فهو معروف بحدود نهر النيل والبحر الأبيض المتوسط ونهر النيجر, فهو ما كان يسميه ابن خلدون بجزيرةو المغرب أو ما يسميه القدماء ببلاد البربر.

· وإذا حاولنا اختصار المطالب الأمازيغية, فيم يمكن إجمالها؟
المطالب تقريبا هي كل شيء. فلا شيء في بلادنا يلبي حاجة الأمازيغ, وعلى صعيد جميع المستويات نجد الأمازيغ معزولين عن باقي مكونات المجنمع المغربي.
فمثلا ليس هناك في المغرب إشارات ولا لوحات ولا كتب سياحية تشير إلى وجود مواطنين ومواطنات وشعب أمازيغي. فمطالب هي كل شيء, نحن لانعيش سوى ما نتحمله كافراد .. حياتنا فردية والأمازيغي في المغرب عليه أن يعول على نفسه في كل شيء .. عليه أن يحمي لغته وأن يدافع عن هويته, وأن يحارب الهيمنة. ويدافع عن الاستعمار, أن يعيش الغربة في وطنه. فالمطالب إذن ليست محدودة, والسؤال الذي يجب أن يطرح هو ما الذي كسبناه في هذا الوطن, لاشيء!.
التعليم بذكرنا ويشوه تاريخنا والأحزاب السياسية تكذب علينا والدولة تمتنع عن صرف أي سنتيم على الأمازيغية. فالدولة المغربية ذات طبيعة عربية إسلامية تأخذ منا لتؤسس مخططها في بناء وطن آخر هو الوطن العربي. فمطالبنا غير محدودة, إننا نطالب أن نعيش في بلدنا في احترام تام لجميع مقومات الحضارية, وفي ذلك احترام لغتنا والاستفادة من ميزانية الدولة التي تمول اللغات الأجنبية .. أن نتوفر على وسائل إعلام أمازيغية, أن ترتفع عنا حملات التظليل, أن يرتفع عنا المنع, فنحن ممنوعون حتى من أبسط وسائل الاجتماع وآخر مثال على ذلك حصل نهاية الأسبوع المنصرم حيث منعت السلطات بولاية الدارالبيضاء اجتماعا دعت له جمعية تايمنوت لمناقشة الحالة الراهنة للمغرب من خلال ندوة استدعي لها بعض الفاعلين الأمازيغيين, ماذا لدينا إذن حتى نحدد مطالبنا, فنحن نطلب كل شيء لأننا نفتقد كل شيء.

· الحديث يجرنا إلى التساؤل عن مطلب دسترة الأمازيغية؟
ليس هناك أي مشروع حقيقي من أجل الأمازيغية, فالدولة لا تنوي دسترة الأمازيغية, ولا تنوي تدريس اللغة الأمازيغية, ولاتنوي احترام حقوق الأمازيغ, فنحن فيما يسمى بالعهد الجديد نعيش مرحلة الكذب الجديد.

· وأين وصل مشروع الحزب الأمازيغي الذي كان ينادي به ذ.الدغرني ؟
لازلت اعتبر بأن الأمازيغ في المغرب لابد أن يخوضوا مجال السياسة لأننا ضحية سياسات الأحزاب الحالية. فالأحزاب الحالية تكذب على الجماهير, وإذا لاحظت تصريحات بعض المسؤولين السياسين, وحتى نسمي الأشياء بمسمياتها, فإن "اسماعيل العلوي" صرح مؤخرا لجريدة "لافيريتي" بأن حزب التقدم والاشتراكية قد فعل كل شيء لصالح الأمازيغية, وبأنه هو الذي حمى حقوق الأمازيغ في المغرب, في حين أن الجميع يعرف بأن حزب التقدم والاشتراكية هو وحليفه الحزب الاشتراكي الديمقراطي, يعيشان الآن حلفا سياسيا, وقد استوليا على وزارة التربية الوطنية معا بفريقيهما البرلمماني وبزعيمهما على رأس وزراة التربية الوطنية, فهما ام يسمحا بتدريس ولو حرف واحد من اللغة الأمازيغية, وهما الآن يزعمون بأنهم فعلوا شيئا لصالح الأمازيغية.

· لكننا يجب ألا ننكر بأنه قد تشكل مؤخرا معهد ملكي للثقافة الأمازيغية؟
لم يتشكل أي معهد, كل ما هناك أن صدر ظهير في الجريدة الرسمية, وهذا الظهير لم ترحب به الأحزاب السياسية المغربية, بل واجهته بنفس الانتهازية السياسية, وحتى الظهير لم يدخل لحد الآن حيز التطبيق بحيث أن مشروع المعهد يعاني من بطء, وهو إلى اليوم مجرد ظهير, وعميد معين لكنه لازال في منزله, والواقع يؤكد أنه لن يكون هناك وجود لهذا المعهد قبل الانتخابات.

· من خلال الاطلاع على الظهير المنشئ للمعهد نلاحظ أن ميزانية تسيير هذا الأخير مأخوذة من ميزانية القصور, ألا تعتبرون في ذلك احتواء للأمازيغية؟
لم تصرف أية ميزانية لحد الآن, إن حالة الأمازيغية في المغرب هي موضوع خطابات مختلفة منها خطابات المؤسسة الملكية, وخطابات الأحزاب, وخطابات الحكومة. ولكن على صعيد الواقع لم تحلق أي شيء غير الأوراق المكتوبة, أما بخصوص الاحتواء فأنا أفضل كلمة "تدخل", لأن المؤسسة الملكية تعتبر فعلا أول متدخل في موضوع الأمازيغية رسميا, لكن وعلى الرغم من ذلك فإن مشروع المؤسسة الملكية بخصوص الأمازيغية لازال مشلول منذ الخطاب الملكي المؤرخ ب20 غشت 1994, والذين استطاعوا أن يشلوا مشروع الحسن الثاني قادرون على ان يشلوا أي مشروع تضعه المؤسسة الملكية امام الرأي العام, ولا يخفى على أحد أن مشاريع الملكية اتجاه الأمازيغية قد تعرضت لمناورات خطيرة من طرف مجموعات ضغط أهمها الحكومة الحالية التي أظهرت نوعا من اللامبالاة بالأمازيغية, واستغلت فرصة تدخل الملكية في الموضوع لتجعل الموضوع غير مهم بالنسبة إليها وأن المسألة تبقى بين الأمازيغ والملكية.
ولهذا فإني أقول بـأن سياسة الحكومة وخاصة وزارة التربية الوطنية في مرحلة الوزير الحالي عبد الله ساعف المعروف بانتمائه القومي البعثي, لاينتظر منه أن يشجع على أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها اتجاه الأمازيغية.


· ماذا عن لجنة البيان الأمازيغي ؟
البيان الأمازيغي هذا مصطلح كنت أول من اقترحه, وهي لجنة كنا قد أسسناها لتتبع المطالب التي كانت قد وضعت منذ فاتح مارس 2000. وهذه اللجنة كانت قد أسست لفترت محدودة في سنة وكان الغرض منها إنجاز عمل محدد وهو عقد لقاء ثاني في 22 يونيو 2001. لكن مع حلول هذا التاريخ فوجئنا بقوات الدرك تمنعنا من الاجتماع, ومنذ ذلك اليوم تفككت هذه اللجنة ولم تعد موجودة, لكن ظهر بعد ذلك بعض الاشخاص يتحدثون باسم هذه اللجنة بحيث اننا لا ندري "منين خرجوا" ومن بين هؤلاء احمد عصيد الذي لم يكن حاضرا حتى خلال اجتماع تاسيس لجنة البيان الامازيغي, بينما نراه اليوم يصدر بيانات باسم اللجنة ... والمهم هو أن هذه الجنة الان قد ظهر بعض موظفي الدولة من مختلف الوزارات يتحدثون باسمها وهم طامحون وطامعون في مناصب بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية, وهم يرجون الان اسم لجنة البيان الامازيغي التي انهتها في الواقع قوات الدرك الملكي يوم قمعت اللقاء الذي كان من مهمة هذه اللجنة .

· هل يمكن ان نفهم من كلامكم ان هؤلاء مدفوعون من طرف جهة معنية؟
لم يكونوا كذلك فهم يعملون في برنامج هذفه الأساس ألا يتابع الذين خرقوا حقوق الانسان في مرحلة 22 يونيو 2001, لأنه كان من المفرضو أن يصبح هذا التاريخ يوما للاحتجاج ويوما لمحاسبة قوات الدرك وقوات "المخازنية" التي هجمت علينا .. وبعد ما ظهر هؤلاء المتحدثون باسم لجنة البيان الامازيغي, تم التخلي بالطبع عن متابعة ومحاسبة مرتكبي جريمة أحداث 22 يونيو 2001.

· ماهو ردكم على العريضة المقدمة مؤخرا على أنها عريضة لمناهضة –ما أسماه أصحابها- ب "العنصرية" الممارسة ضد اليهود من لدن حركات متطرفة (دون أن تسميها ), وضد العرب من لدن بعض المتطرفين الأمازيغيين, والتي وقعها وزراء إضافة إلى تنظيمات وهيئات سياسية وجمعوية ؟

بخصوص العريضة فإني أصارحك من خلال المعلومات التي أتوفر عليها, أنها مملاة عليهم من بعض اليهود النافذين في السياسة المغربية, وأنا أسميهم اليهود لأنني لست ضدهم.
الذي وقع هو أن يهود المغربي سيما بعد الغوغاء التي أقامها العروبيون والمتطرفون الإسلاميون لصالح الفلسطينيين, أصبحت هذه الغوغاء التي ألبسوها هؤلاء ثوب التضامن, تذهب بعيدا إلى أن أرجعت المغرب إلى حالات عاشها في فترة 1967 وفي فترات تعرض فيها اليهود بصفة خاصة لعمليات قمع وإرهاب.
فيهود المغرب في الداخل والخارج لهم نفوذ وقادرون على أن يحركوا السادة الوزراء (!!) وأن يحركوا العديد من الجرائد مثل "لافيرتي", لكن وللأسف لم يكن هؤلاء جميعهم في مستوى المهمة التي أسندت إليهم لأن المهمة كانت محددة أولا في محاربة اللا سامية في المغرب والرد على الإسلاميين, ولكن بعض المحتالين السياسيين أقحموهم في فخ إدراج الأمازيغيين على أساس أنهم عنصريين اتجاه العرب, وبذلك أصبحت جريدة "لافيرتي" تعيش نوعا من العبث لأن الموقعين على العريضة ذوي سلطة, وهؤلاء وقعوا على عريضة ب "التيليفون" –حسب تصريحاتهم-, وأنا أقول بأنهم لا يتوفرون على الشجاعة لتحمل مسؤوليات أفكارهم. ولذلك فقد اضطربت العريضة في استعمالها لكلمة العنصرية ولازالت تعيش هذا الاضظراب حتى الآن.
هذه العريضة إذن فضحت أصحابها وجعلتهم يسقطوا في متاهة أدت مثلا بحزب التقدم والاشتراكية إلى أن يحتج بعض مسؤوليه الذين وضعت القيادة أسمائهم في العريضة بدون استشارتهم وبدون علمهم .. وحزب التقدم والاشتراكية هو الذي سيؤدي ثمن هذا الخطأ في الانتخابات المقبلة لأنه حسب المعلومات التي نتوفر عليها, فإن العديد من الأمازيغيين المنضويين تحت لواء الحزب بدأوا ينسحبون منه, ودعني استطرد هنا لؤكد بأنه وجب التذكير بأن توزير عبد الله الساعف, لايخفى على أحد بأن الوزير لبصير, هو الذي كان من ورائه, وكذلك بالنسبة لتوزير اسماعيل العلوي الذي تم التوقيع له بوعد سياسي رسمي على أنه سيحصل على فريق برلماني, قبل أن تحل الانتخابات .. هذه مهازل سياسية والعريضة واحدة فقط من مفاتيح المهازل التي نعيشها.

إذا طلبت منك أجوبة سريعة، ماذا تعني لك
"العروبة" ؟
العروبة هي نوع من الاستيلاب أصاب بعض المثقفين بحيث أصبحوا يعيشون وهما أنهم ينتمون لوطن يسمى الوطن العربي.
الإسلام والأمازيغية ؟
الإسلام دين .. كيف يمكن أن نطرح الأمازيغية والإسلام لم يدخل إلى المنطقة إلا منذ 14 قررنا, بينما سكن الإنسان في شمال إفريقيا منذ ملايين السنين.
الإسلام ليس جزء من الهوية لأنه مخطئون .. الإعلام عقيدة والأمازيغية هوية.
ما يحصل الآن في فلسطين ؟
لقد سبق وأكدت بأنه ليس هناك مطالب للأمازيغيين في الشرق الأوسط. نحن لا وطن لنا في الشرق الوسط.
ونحن أيضا مضطهدون

أحمد الدغرني
من مواليد سنة 1947 بأيت باعمران’ إقليم سيدي إيفني, درس بالمسجد ثم التحق بالمعهد الإسلامي بتارودانت. حصل على الباكالوريا المعربة بمراكش سنة 1967 والتحق بالمدرسة العليا للآساتذة وبكلية الآداب وكلية الحقوق بالرباط امتهن المحاماة سنة 1972 بعدما تشبع بالفكر الساري. خلال فترة الجامعة وظل متشبتا بانتمائه الأمازيغي وباهتماماته بالموروث الثقافي الأمازيغي.
الدغرني رجل مغرم بالأمازيغية إلى حد إيمانه القوي بضرورة تسييسها, رجل يعتبره بعض من معارفه بأنه فوضوي وغامض لكنهم يصقوه بأنه مناضل شرس
.
العدد 6 23-5-2002

ليست هناك تعليقات: