الثلاثاء، 13 أبريل 2004

العدالة والتنمية يصوت على الدكتور سعد الدين العثماني أمينا عاما بنسبة 80.5 % من المصوتين

في مؤتمره الخامس المنعقد في الرباط


صوت مؤتمر حزب العدالة والتنمية المنعقد في الرباط يومي 10 و 11 أبريل الجاري على الدكتور سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب، وذلك بعد أن حصل على 1268 صوتا من بين الـ 1595 من المصوتين، فيما احتل الأستاذ عبد الإله بن كيران على المرتبة الثانية بـ 255 صوتا، والأستاذ لحسن الداودي في المرتبة الثالثة بـ 250 صوتا. هذا في الوقت الذي طالب فيه الأستاذ الرميد من المؤتمرين عدم التصويت عليه لأنه غير معني بمسألة الترشح لمنصب الأمين العام، بحيث أرجع ذلك إلى استمرار وجود الأسباب ذاتها التي وقفت ضد استمراره على رأس الفريق النيابي.

تحت شعار الديمقراطية.. التزام ومسؤولية، عقد حزب العدالة والتنمية طيلة يومي السبت والأحد 10 و 11 أبريل الجاري بالمركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، مؤتمره الخامس الذي تميز بالشفافية والوضوح. وبذلك، تكون الحركة الإسلامية، كما أكد على ذلك العديد من الملاحظين، قد أبانت للجميع أنها أكثر شفافية وأكثر ممارسة للديمقراطية من باقي الأحزاب.وقد افتتح المؤتمر أشغاله بالآية الكريمة { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، فمن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين.. }. ولعل في ذلك إشارة واضحة لما يجري اليوم على الساحة السياسية العربية والوضع الذي صارت عليه الأنظمة التي باتت لا تأتمر إلا بما تراه الولايات المتحدة الأمريكية.. من خلال إلقاء نظرة على لافتات قاعة المؤتمر، يتبين للجميع أن العدالة والتنمية قد لامس مختلف القضايا التي يعتبرها أساسية في برنامجه السياسي، بل أضاف إلى ذلك مساندته ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم سنة 2010.في حين أن الشعارات المرفوعة قبل وأثناء انعقاد المؤتمر، كانت لا تخلوا من إدانة للغطرسة الأمريكية والصهيونية عل حد السواء.وفي كلمته أكد الدكتور عبد الكريم الخطيب، الذي أحدث له منصب الرئيس المؤسس، أن الحزب قد برهن على أنه حزب إسلامي معتدل، وبأنه متشبث بثوابت البلاد الأساسية المتمثلة في إمارة المؤمنين وفي الملكية الدستورية، كما أنه متشبث بمبدأ البيعة، مشيرا إلى أن مؤسسة إمارة المؤمنين هي ما تميز المغرب عن باقي الشعوب الإسلامية. كما أكد الدكتور الخطيب في كلمته أن كل مساس بمؤسسة الإمامة تكون بمثابة خطوة في طريق الدولة العلمانية. مضيفا أنه إذا كان المغاربة لا يهتمون بالدستور، فإنهم يهتمون بالبيعة. وقد فهم الكثير من متتبعي أشغال المؤتمر أن كلمة الدكتور الخطيب كانت بمثابة رد واضح على طروحات الأستاذ الرميد المتضمنة في خروجه الإعلامي الذي سبق انعقاد المؤتمر ، وذلك من خلال نشره لورقة وحوار صحافي دعا فيهما إلى الملكية البرلمانية وإلى ضرورة ابتعاد الملك عن التدبير اليومي لتحقيق الديمقراطية.بعد ذلك قدم الدكتور سعد الدين العثماني، نائب الأمين العام للحزب، التقرير السياسي للعدالة والتنمية الذي تطرق جملة وتفصيلا من خلال مشاريع الأوراق التي هيأها المؤتمر إلى: الاستمرار في الدفاع عن الثوابت الوطنية، ( ... إن حزب العدالة والتنمية يتمسك بإسلامية الدولة التي على رأسها أمير المؤمنين باعتباره حاميا لحمى الملة والدين، وساهرا أمينا على وحدة المغرب وضامنا للحقوق والحريات العامة. ويتمسك بالاختيار الديمقراطي في إطار الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية، والتعددية السياسية باعتبار ذلك كله هو الضامن لوحدة المغرب واستقراره وهو الكفيل بذلك في الحاضر والمستقبل، وباعتباره أيضا ضمانة لوقاية بلادنا من مختلف أشكال التطرف والإقصاء.. ويعتز حزب العدالة والتنمية بالانطلاق من المرجعية الإسلامية التي هي المرجعية الرسمية للدولة المغربية والتي هي مبدئيا مرجعية جميع الأحزاب المغربية.. ).الوحدة الترابية، إنه من الضروري في هذا الجمع أن نتوقف عند التحديات التي تعرفها وحدتنا الترابية، وخاصة منذ اعتماد القرار في نهاية شهر يوليوز من السنة الماضية عندما برزت احتمالات الدفع في فرض مشروع حل يناهض السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية. ويزيد من مخاطر المس بسيادة المغرب وتهديد وحدته الترابية وزرع عدم الاستقرار في المنطقة... لكل هذا فقد عبر الحزب –مثل مكونات الشعب المغربي السياسية والمجتمعية- عن رفضه لهذا المشروع. ونعتبر أن الموقف الديبلوماسي المغربي محتاج لانتفاضة شاملة تستثمر التحولات الحاصلة في المحيط الجهوي والإقليمي، وتفويت الفرصة على خصوم وحدتنا الترابية.. )كما تطرق التقرير السياسي إلى الجرائم الإرهابية ليوم 16 ماي، حيث أكد (.. وإن حزب العدالة والتنمية إذ يحدد إدانته لها ويعتبر أنها أعمال مدانة شرعا وعقلا، ولا تنسجم مع هوية الشعب المغربي ولا من عزيمته، ... يذكر من جديد بمواقفه المبدئية والسياسية الرافضة لكل أشكال التطرف الديني واللاديني، والتزامه بمبادئ الوسطية والاعتدال والعمل على نشرها داخل المجتمع..)أما فيما يتعلق بالحزب وتجربة حكومة التناوب، فقد أشار الدكتور سعد الين العثماني إلى أنه ( .. لما تم تعيين الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي وزيرا أول وأعلنت حكومة التناوب، بادر حزبنا إلى إعلان مساندتها باعتبارها خطوة في تطوير المسلسل الديمقراطي وانطلاقا مما وعدت به من إصلاح وتغيير. كما احتفظ لنفسه بحق نقد أي سياسة أو إجراء يراه منافيا للمرجعية الإسلامية أو للمصلحة العليا للبلاد. وهو ما أصبح يعرف فيما بعد بالمساندة النقدية... غير أن حكومة التناوب التوافقي لم تستطع الحفاظ على الدعم الواسع الذي كانت تحظى به من النخب السياسية ومن المجتمع المغربي... وقد تصاعدت بعد ذلك حدة الاختلالات في الأداء الحكومي.. وبناء على هذا الأداء الذي لم يرق إلى مستوى ما قدمته الحكومة من وعود في التصريح الحكومي، قرر حزب العدالة والتنمية الانتقال إلى المعارضة بقرار من المجلس الوطني في أكتوبر 2000.كما تطرق التقرير السياسي إلى الاستحقاقات الانتخابية، و انتقاله إلى معارضة فعالة وبناءة، ومسألة خطة إدماج المرأة في التنمية ومدونة الأسرة..وعلى المستوى الخارجي تحدث الدكتور العثماني عن النظام الدولي الجديد الذي لازال يعرف استمرار هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية عليه. وأكد التقرير نصرة حزب العدالة والتنمية للقضايا العربية والإسلامية.وأعلن العثماني عن التوجهات الكبرى للعمل السياسي للحزب المتمثلة أساسا في التصدي لكل أنواع الفساد الإداري والمالي واختلاسات المال العام وانتهاكات حقوق الإنسان، والحد من ظاهرة الامتيازات ودعم الفئات المهمشة. والاستمرار في خيار المشاركة الداعم للتماسك والاستقرار السياسي والاجتماعي.كما أعلن في كلمته عن أولويات الحزب في المرحلة المقبلة، تلك التي حددها في الإسهام في إخراج البلاد من حالة الجمود السياسي، والتجند من أجل الدفاع عن الإسهام في تعزيز موقف بلادنا في قضية وحدتنا الترابية، والعمل على تخليق الحياة العامة ومواجهة جميع أشكال الفساد ومختلف أنواع الامتيازات.حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بعض الوزراء، وزعماء أحزاب سياسية وممثلين برلمانيين، إضافة إلى شخصيات سياسية أخرى وممثلين عن هيئات المجتمع المدني. كما كان من بين الوفود الحاضرة جماعة العدل والإحسان ممثلة في الأستاذ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم الجماعة، والأستاذ عبد الواحد متوكل الأمين العام للدائرة السياسية.كما كان من بين المدعوين شخصيات إسلامية عالمية كان من أبرزهم الأستاذ أحمد سيف الإسلام الــبـنا عن الإخوان المسلمين، والشيخ حمزة منصور رئيس حزب العمل الإسلامي في الأردن، و الأمير قاضي حسين رئيس كتلة العمل الإسلامي الموحد في باكستان، والدكتور عصام العريان من جماعة الإخوان المسلمون.ومن بين الكلمات التي كان لها الأثر البليغ، كلمة الأستاذ أبو بكر القادري عن حزب الاستقلال الذي أكد أن الظروف التي نعيشها حاليا، ظروف تنمرت فيها قوى الشر لمحاربة وللقضاء على كل ما يمت إلى القيم الإسلامية وإلى الوجود الإسلامي. إذ أن المقصود مما يسمونه العولمة الجديدة – يقول ذ. أبوبكر- هو إزاحة القوة والأمة الإسلامية من الطريق.. ورأى الأستاذ القادري بأن المبكي هو أننا صرنا غثاء كغثاء السيل كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. وأضاف بأن الظرف الآن ظرف نقد للذات وظرف مراجعة للنفس بالنسبة للعالم العربي والإسلامي.. مراجعة يجب أن تكون صادقة مع الله، وأضاف بأن شعارنا يجب أن يكون هو العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.كما أعطيت الكلمة لكل من"أبو مروان" سفير فلسطين، والسيد حسين قاضي عن الجماعة الإسلامية في باكستان، و "جورج كلاوي" عن الحزب العمالي البريطاني الذي انتقد السياسة الأمريكية والبريطانية الممارسة ضد العرب، داعيا الحكام والأنظمة العربية إلى الاستقالة.بعد اختتام أشغال اللجان و الورشات وعرض التقارير والمصادقة عليها، عرف اليوم الثاني للمؤتمر انتخاب المجلس الوطني للمرشحين في المؤتمر لمنصب الأمين العام. وكانت بعض اللحظات التي احتد فيها النقاش حول مسألة الطلب الذي تقدم به الأستاذ مصطفى الرميد والقاضي بعدم ترشحه لمنصب الأمين العام، وقد أرجع ذلك لاستمرار وجود نفس الأسباب التي أدت إلى عدم استمراره رئيسا للفريق النيابي ( ويعني بذلك تدخل وزارة الداخلية ضده ). وبعد إلحاحه على الأمر، اضطرت رئاسة المؤتمر إحالة القضية على المجلس الوطني الذي حسم فيها بقبول طلب ذ.الرميد، وذلك بعد التصويت الذي كان لفائدة المؤيدين بـ 126 عضو، و 43 ضد الانسحاب، وامتناع 11 عضوا عن التصويت. بعد ذلك بدأ المجلس الوطني عملية التصويت على المترشحين لمنصب الأمين العام، وقد حصل د.سعد الين العثماني في مرحلة الاقتراح 199 صوتا، أما ذ.عبد الإله بنكيران فقد حصل على 127 صوتا، في حين حصل ذ. لحسن الداودي على 120 صوتا، بينما حصل ذ.الرميد على 70 صوتا.وبعد إقصاء كل من عبد الله باها و محمد يتيم و عبد العزيز رباح و جامع المعتصم، حيث ينص القانون على اختيار ثلاثة مرشحين على الأكثر واثنان على الأقل في المرحلة الثانية، حصل العثماني ما مجموعه 205 صوتا مقابل 121 صوتا لبنكيران، و 92 صوتا للداودي. وبذلك يدخل المؤتمرون للتصويت على الأمين العام خلال المرحلة الثالثة التي أسفرت نتائجها على احتلال الدكتور العثماني على الأغلبية المطلقة بـ 1268 صوتا، النتيجة التي تمثل 80.5% من عدد المصوتين. بينما حصل الأستاذ بنكيران على 255 صوتا و الأستاذ الداودي على 250 صوتا.وفي كلمته الختامية، أكد الدكتور سعد الدين العثماني الأمين العام الجديد لحزب العدالة والتنمية، أن الحزب مثل الزجاجة الصافية، مضيفا " نحن لا نريد حزبا نمطيا يفكر بالطريقة الواحدة ويقول بالكلمة الواحدة". وأكد على أن الحزب سيبقى وفيا ومستمرا على الخط الذي سار عليه مؤسسه الدكتور الخطيب: تثبيت الإسلام والوحدة الوطنية والملكية الدستورية.

تاريخ النشر : 13/04/2004

ليست هناك تعليقات: