الاثنين، 1 نوفمبر 2010

الإنترنت.. وسيلة تعليم وتواصل

حسن اليوسفي المغاري

تطورت شبكة الإنترنت في السنوات الأخيرة (بالرجوع إلى تاريخ الإنترنت) بشكل مذهل وسريع جدا، وأصبحت بذلك كتاباً مفتوحاً للعام أجمع باستطاعة أي مبحر الغوص في مضامينه بحكم أنها غنية بمصادر المعلومات.

وبذلك أيضا فإن الحديث عن التعليم بواسطة الإنترنت، أو اتخاذ الإنترنت كوسيلة تعليمية في عصر تدفق المعلومات، أمر بات بديهيا ونحن نتحدث عن شبكة الإنترنت.

أصبح الحاسوب وتطبيقاته جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمعات العصرية، وأخذت تقنية المعلومات المبنية حول الحاسوب تغزو كل مرفق من مرافق الحياة. فاستطاعت هذه التقنية أن تغيّر أوجه الحياة المختلفة في زمن قياسي، ثم ولدت شبكة الإنترنت من رحم هذه التقنية فأحدثت ما يمكن أن نصطلح عليه بـ "الطوفان المعلوماتي".

أصبحت المسافة إذن بين المعلومة والإنسان تقترب من المسافة التي تفصله عن مفتاح جهاز الحاسوب شيئاً فشيئاً. وأما زمن الوصول إليها فأصبح يقاس برمشة العين. فكان لزاماً على كل مجتمع يريد اللحاق بالعصر المعلوماتي أن ينشئ أجياله على تعلّم الحاسوب وتقنياته ويؤهلهم لمجابهة التغيّرات المتسارعة في هذا العصر. لذا فقد قامت بعض الدول بوضع خطط معلوماتية إستراتيجية ومن ضمنها جعل الحاسوب وشبكة الإنترنت عنصراً أساسياً في المنهج التعليمي.[1] وتختلف خطط إدخال المعلوماتية في التعليم تبعاً لاختلاف الدول. وعلى أي حال فإن التوجه العام حالياً هو الانتقال من تدريس علوم الحاسب الآلي نحو الاهتمام بالتخطيط لزيادة التدريس المعتمد على المعلوماتية عبر المناهج الدراسية"[2]

إن السؤال المطروح هو كيف يمكن الاستفادة من شبكة الإنترنت في التعليم ؟

لا يجادل أحد في أن الحاسوب يمثل قمة ما أنتجته التقنية الحديثة. فقد دخل الحاسوب شتى مناحي الحياة بدءاً من المنزل وانتهاء بالفضاء الخارجي. وأصبح يؤثر في حياة الناس بشكل مباشر أو غير مباشر. ولما يتمتع به من مميزات لا توجد في غيره من الوسائل التعليمية.

اتسع استخدام الكمبيوتر في العملية التعليمية، ولعل من أهم هذه المميزات التفاعلية بحيث أن الحاسوب يقوم بالاستجابة للحدث الصادر عن المتعلّم فيقرر الخطوة التالية بناءاً على اختيار المتعلّم ودرجة تجاوبه. ومن خلال ذلك يمكن مراعاة الفروق الفردية للمتعلّمين.

وفي مقابل هذه المميزات هناك أيضا سلبيات لاستخدام الحاسوب في التعليم من أهمها افتقاده للتمثيل (الضمني) للمعرفة. فكما هو معلوم فإن وجود المتعلم أمام المعلم يجعله يتلقى عدة رسائل في اللحظة نفسها من خلال تعابير تواصلية معروفة (الوجه ولغة الجسم والوصف والإشارة واستخدام الإيماء وغيرها من طرق التفاهم والتخاطب) والتي لا يستطيع الحاسوب تمثيلها بالشكل الطبيعي.

تباينت وتشعبت الآراء حول استخدام الحاسوب في التعليم بصفة عامة وكتقنية مستوردة – وما تحمله من خلفية ثقافية – بصفة خاصة. ولعل علاج الأخيرة يكون بتوطين المحتوى، أي أن نستخدم الجهاز كأداة ونصمم له البرامج التي تتناسب مع الثقافة العربية. وأما الأولى وما يصاحبها من سلبيات فلعل علاجها يكون بالاقتصار على استخدام الحاسوب بوصفه وسيلة مساعدة للمعلم. وهذا أحد الأشكال الثلاثة التي يستخدم فيها الحاسوب في التعليم وهي:[3]

1 - التعلم الفردي: حيث يتولى الحاسوب كامل عملية التعليم والتدريب والتقييم أي يحل محل المعلم.

2 - التعليم بمساعدة الحاسوب: وفيها يستخدم الحاسوب كوسيلة تعليمية مساعدة للمعلم.

3 - بوصفه مصدراً للمعلومات: حيث تكون المعلومات مخزّنة في جهاز الحاسوب ثم يستعان بها عند الحاجة. وقد يكون من الأفضل قصر استخدام الحاسوب في التعليم العام على الشكلين الأخيرين حيث أن المتعلم لا يزال في طور البناء الذهني والمعرفي. [4]

أجريت دراسات في الدول المتقدمة حول مستوى التحصيل عند استخدام الحاسوب في العملية التعليمية، فتوصلت مجمل النتائج إلى أن المجموعات التجريبية (التي درست باستخدام الحاسوب) قد تفوقت على المجموعات الضابطة (التي لم تستخدم الحاسوب في التعلم)[5]. وقد توصلت دراسات عربية إلى النتائج السابقة نفسها.[6] كما شجعت هذه الدراسات على استخدام الحاسوب في التعليم، والذي أصبح في الوقت الحاضر أمراً مسلماً به، بل وبدأ الحديث ومن ثم التخطيط لاستخدام الإنترنت في التعليم.



[1] الدول العربية لازالت متأخرة في مجال التعليم عبر شبكة الإنترنت، الأمر الذي تؤكده العديد من الدراسات الخاصة في هذا المجال.

[2] المحيسن إبراهيم، المعلوماتية في التعليم، مجلة عربيوتر، عدد 73 أكتوبر 1996، ص 23-24

[3] مصطفى بن محمد عيسى، المدخل إلى التقنيات الحديثة في الاتصال والتعليم. الطبعة الثالثة، جامعة الملك سعود. ص 48

[4] مصطفى بن محمد عيسى، المدخل إلى التقنيات الحديثة في الاتصال والتعليم. الطبعة الثالثة، جامعة الملك سعود. ص 50

[5] نفس المرجع: ص 52

[6] عبد الحافظ محمد سلامة "وسائل الاتصال والتكنولوجيا في التعليم".. الطبعة الأولى، دار الفكر / عمان ص 14


هناك تعليقان (2):

عبور يقول...

هذه المدونة اكثر من رائعة ومواضيعها جميلة والاسلوب مميز بارك الله لكم
صديقتكم الجديدة عبور

Unknown يقول...

مدونة أكثر من رائعة لإنسان رائع يستحق الشكر عليهاهذه ليست مجاملة ولكنها حقيقة هكذا يكون المحتوي العربي المفيد